اقتصاد

نقطة ساخنة بُلَّها واشرب أسعارها!

تفاءلنا خيراً عندما تم تشكيل لجنة من مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك والمؤسسة العامة للخزن والتسويق ونقابة تجار سوق الهال، تكون مهمّتها القيام صباح كل يومين بإصدار نشرة أسعار عدد من  المواد الأساسية وتحديداً الخضار والفواكه..
وكما تم الوعد والعهد، ستوزع تلك النشرة على بائعي نصف الجملة والمفرق وفق الأسعار الحقيقية للمنتج أو المستورد، وذلك منعاً لأي غش أو احتكار أو تلاعب، وفوق ذلك ممهورة بختم نقابة تجار سوق الهال، وعليه فليس لأحد صغر أم كبر أيُّ غطاء أو حماية، إلاَّ غطاء الالتزام بالأسعار والتقيد بالجودة وبالتالي بالقانون، وأولاً وأخيراً بالضمير..
خلاصة توصّلت إليها الجهات الممثلة باللجنة، بعد أن أكدت وشدّدت على أنه لا مناص من تطبيق الفوترة وتنفيذ تداولها لضبط حركة البيع والشراء في الأسواق، بدءاً من تاجر سوق الهال وانتهاء ببائع المفرق، كما لا مناص من فرز وتصنيف الخضار والفواكه حسب النوعية والجودة وطرحها في الأسواق وفق أفضل المواصفات وبنوعية جيدة وأسعار مناسبة.
ولم يكتفوا بهذا فقط، بل تعهد الجميع على العمل كفريق واحد، وعلى أن يلتزم التجار والباعة بالتسعيرة المحدّدة من وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك ومديرياتها، وأن تتخذ الإجراءات اللازمة والرادعة بحق المخالفين.
بعد هذا الخبر البُشرى كانت لنا جولات في أحد الأسواق الشعبية وليس “الراقية” الدمشقية، حاملين معنا النشرات ذوات الأرقام “20 و21 و22 والأخيرة 24″، الصادرة عن مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك في دمشق..
النشرات التي تضمّنت عدداً من السلع وأسعارها، وتحديداً من الفواكه والخضار (السعر للجملة والسعر للمستهلك)، كانت موضع مقارنة أجريناها بعد السؤال، لأننا لم نجد السعر والنوع معلنين على أية مادة موجودة في السوق، وبالمحصلة وجدنا أن لا تقيّد مطلقاً بالأسعار ولا بالإعلان عن النوع، بل كان هناك فارق يتراوح بين 20% إلى 30% وفي بعض المنتجات أكثر!، كما أن الأنواع المعلن عنها في النشرات، وعلى سبيل المثال للبندورة (6 أنواع: أردنية مستوردة أول 80 ليرة وثانٍ 50 ليرة، مصرية أول 100 ليرة وثانٍ 80، بلاستيكية محلية أول 80 ليرة وثاني 65 ليرة، حسب النشرة 24 التي انخفضت الأسعار فيها مقارنة مع النشرة 22، وهنا يجب التنبّه، ولكم أن تقيسوا على ذلك بقية المنتجات) لم نرَ في كل السوق تميزاً لنوع واحد منها وبالتالي لا تميز في السعر أيضاً!؟.
أما الأنكى فكان عندما أردنا شراء بضعة كيلوغرامات من التفاح، وحين استفسرنا عن النوع “رفعت الأكتاف وقلبت الشفاه” ورغم تجاوزنا لذلك ومحاولتنا فرز المعطوب منه، رفض البائع وقال: أنا اشتريته هكذا وأبيعه كما هو، وبسعر 200 ليرة، بينما السعر للنوع الأول 160 ليرة!؟ وعندما سألناه عن الفاتورة، كان ردّه بعفوية مشوبة بكثير من الامتعاض: “شو أي فاتورة” وأردف: “منين طلعتلنا انت”!؟.
والذي يشكك فيما قلناه نحيله إلى ما خلص إليه وزير التجارة الداخلية قبل أمس في أسواق جرمانا، وكيف لجأ أصحاب المحال إلى إغلاق محالهم تزامناً مع جولته فيها، في حين تظل مفتوحة على مدار الساعة!؟.
أما عن مصير النشرة فكان ردّ أغلب البائعين: “بلّها واشرب ميّتها” فما رأيكم لا بُلّت نشراتكم؟!.

قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com