محليات

بين قوسين أزمة سماد وتسميد

تعترف الشركة العامة للأسمدة جهاراً بتكدّس مستودعاتها في المناطق الآمنة بالمنتج الذي يشغل بال المزارعين والفلاحين على مساحة المحافظات في ظل ارتفاع كبير في الأسعار يرجعه أقطاب السوق إلى ندرة المادة وعدم توفرها في أماكن تخزين الشركة، وهذا ما لم تثبته البيانات والتقارير التي أظهرت وجود كميات كبيرة من المخازين لسماد اليوريا ونترات الأمونيوم وثلاثي سوبر فوسفات بالأطنان، ما يدعونا إلى استغراب ذاك الكلام المتعلق بوجود الاحتياجات اللازمة في مستودعات الشركة بحمص ومستودعات المصرف الزراعي في المنطقة الساحلية، ومع ذلك يشكو المزارع من صعوبة الحصول على حاجة محاصيله ومزروعاته التي لم تتلقَّ مستحقاتها من السماد إما لعدم الوفرة أو للظروف الأمنية وفي الأغلب للأثمان المرتفعة جداً التي وصلت إليها المادة وسبّبت عجزاً عن شرائها؟.
قد يكون الموسم الصيفي الحالي مشبعاً بالمشكلات المرتبطة بالأسمدة، ولكن لم يكن الموسم الماضي أقل سوءاً ولاسيما مع ما تم تسجيله من صعوبة في استجرار الأسمدة المنتجة لدى الشركة من خلال المصرف الزراعي التعاوني مع النقص الشديد في توفر شاحنات نقل الأسمدة لدى مكاتب نقل البضائع في محافظتي طرطوس وحمص بسبب عزوف السائقين عن الشحن نتيجة ارتفاع أسعار الوقود ومخاطر نقل الأسمدة من المرفأ أو من الشركة إلى باقي المحافظات.
ولا يخفى على أحد أن عمليات شحن الأسمدة حتى إلى الفروع الآمنة تتطلب تأمين الترفيق الأمني اللازم من الجهات المختصة، الأمر الذي أدّى إلى بطء شديد في تفريغ البواخر والنواقل من معامل الأسمدة، في المقلب الآخر تتفاعل مصاعب إيصال الأسمدة إلى المناطق الساخنة ما تطلب من المصرف الزراعي الموافقة على تسليم المخصصات للفلاحين بموجب مذكرات تبديلية من الفروع الآمنة.
وأمام محاولة الشركة والمصرف الزراعي لملمة المشكلات ومواجهة تحدّي الأسعار وتأمين المادة بأمان، كان للتجار دور ونشاط ملموسان في عملية التحكم بالسوق وبرقاب المزارعين الذين يعانون الويلات في تأمين مبالغ كبيرة من أجل التسميد على قلته هذه الأيام، في الوقت الذي لم يقم فيه بعضهم بأي نشاط تسميدي لقلة ذات اليد ولتنصّل المصرف الزراعي من التمويل ودعم عمليات شراء المزارعين للأسمدة عن طريقه.
قد تبدو خطط الشركة مقبولة على الورق ولا غبار عليها، ولكن التطبيق على الأرض مختلف تماماً بسبب الممارسات المشوبة بسلوكيات سوقية وتسويقية أبطالها تجار وأشباه تجار يتحكمون برقاب الفلاحين والمزارعين في المناطق الآمنة والساخنة، ويمسكون بالأسعار دون رقيب أو مهتم ولاسيما مع تواطؤ بعض الإدارات في شركة الأسمدة التي لا تعمل بمرونة مع الجمعيات الفلاحية التي تقع في تهم ليست بريئة منها في مساعدة المزارع في تأمين الأسمدة للمساحات المزروعة، والمشكلة الكبرى تتجلى في بقاء معظم المحاصيل خارج التسميد، وإن حصل ذلك يكن بالاعتماد على المادة العضوية التي ارتفع سعرها، وكذلك بالتوازي مع السماد الكيماوي الذي لم ينجُ من أطماع المجموعات المسلحة التي تستخدمه في تحضير طبخات التفجير الإرهابية.
علي بلال قاسم