محليات

الرقابة المالية “تنكش” أضابير خمسة آلاف جهة والروتين قاتل تبادل اتهامات في تأشير نتائج المسابقات.. والعموري يتحدّى جهات التعيين!!

هو الحلم الذي انتظره حسان منذ ثلاثة عشر عاماً بعد أن قيّد اسمه في مكتب التشغيل مع بداية إنشائه عام 2011، ليخضع لمسابقة تأكّد من نجاحه فيها أجراها بتاريخ 11/6/2012 وباشر العمل بموجبها في 31/3/2014.
مسابقات عديدة تقدّم إليها بانتظار أن يصبح حلم الوظيفة حقيقة، لكن السراب كان حليفه دائماً لأسباب اقتنع بها حيناً ولم يقتنع بها أغلب الأحيان.
حال حسان هو حال الآلاف من شبابنا الباحث عن مستقبل آمن لا يجده إلا في وظائف الدولة، لكن لا يكاد يصبح الحلم حقيقة بعد أن ينجح طالب العمل في إحدى تلك المسابقات حتى تبدأ رحلة أخرى من العذاب تستبدل حلاوة الأمل بمرارة الانتظار.

يلفّ النتائج
مسابقات عدّة أعلنت عنها الحكومة في السنتين الأخيرتين، لكن الضباب يلفّ نتائجها، وإن حصل وصدرت بعض النتائج فإن إجراءات التعيين تدخل الخوف إلى نفوس المحظوظين الناجحين بانتظار بدء المباشرة التي تقطع لديهم الشك باليقين.
في رحلة البحث عن أسباب تأخير إعلان النتائج التي يقوم بها المتقدّمون وتالياً المباشرة، تتجه الأنظار إلى الجهاز المركزي للرقابة المالية، فما إن يسأل الناجح في المسابقة عن أخبار مسابقته وأين وصلت إجراءات تعيينه، حتى يتلقى إجابة واحدة ومكرّرة من الجهات المعلنة عن المسابقة  بأنها في عهدة الرقابة المالية.

اتهام وردّ
رئيس الجهاز المركزي للرقابة المالية د.محمد العموري يردّ على الاتهامات قائلاً: إن الأخطاء التي ترتكبها الجهات الإدارية في الجهات العامة المعلنة عن المسابقات ولاسيما إجراءات سير المسابقة، هي السبب في تأخير نتائج المسابقات.
ويقدّم د.العموري شرحاً مفصلاً عن دور الجهاز الذي يراقب ويدقق حسابات خمسة آلاف جهة من القطاعات الإدارية والاقتصادية، مشيراً إلى أن تدقيق المسابقات والاختبارات العامة جزء بسيط من عمل الجهاز الذي تبدأ مهمته فيها وفق القانون قبل الإعلان عنها، حيث يقوم الجهاز أولاً بدراسة صيغة الإعلان وبعد الموافقة يتم النشر وإجراء المسابقة ووضع العلامات لترسل بعد ذلك إلى الجهاز الذي يقوم بتدقيق كل إجراءات المسابقة بدءاً من  الوسائل التي تم الإعلان فيها والمدة الزمنية المحددة لتقديم الطلبات، ثم سير المسابقة من حيث طريقة إجراء الفحوص واللجنة الفاحصة وغيرها، وصولاً إلى إصدار صك التعيين ثم المباشرة، مؤكداً أن الجهاز اختصر الكثير من الإجراءات في هذا المجال، وتحدّى العموري أية جهة أرسلت مسابقتها إلى الجهاز للتدقيق أن تكون قد بقيت أكثر من خمسة أيام، مشيراً إلى  أن الرقابة المالية عندما تجد أخطاء في المسابقة تقوم بإعادتها إلى الجهة المعلنة لتصحيح الخطأ، وكاشفاً عن أن الكثير من الأخطاء يتكرر ما يعني تأخر صدور نتائج المسابقات، وملمّحاً في هذا السياق إلى ضعف الجهاز الإداري في الجهة المعلنة ما يؤدّي إلى الوقوع في أخطاء واضحة يفترض ألا تقع فيها، وفي أسوأ الأحوال ألا تتكرر، ومن أجل التقليل من هذه الأخطاء فإن الجهاز يقوم بعقد ورشات عمل للإداريين في الجهات العامة بهذا الشأن.

الروتين والأخطاء
إذاً ملامح المشكلة تتقاسم أسبابها جهتان معنيتان، كل واحدة تحاول إبعاد التهمة عنها، فالخلل الإداري الناتج عن مديرين إداريين ليسوا ذوي خبرة بل “كفاءة” يجتمع مع الروتين القاتل، إذ ما هو المبرر لأن تقوم مثلاً إحدى الجهات العامة عند إعلانها عن مسابقة في أحد فروعها في المحافظات باقتصار الإعلان على الصحيفة المحلية الصادرة في هذه المحافظة وعدم إعلانها في صحيفة رسمية تصدر في العاصمة وفق ما يحدّده القانون!؟. هذا فضلاً عن الإعادة لعدم استكمال الأوراق المطلوبة في الأضابير، وغير ذلك الكثير من الأمور التي يعددها الجهاز المركزي للرقابة المالية، مع ما يعني ذلك من هدر للوقت والمال الذي لا تنفك رئاسة الوزراء تطالب بضغط إنفاقه بشكل مستمر، يضاف إلى ذلك روتين الجهاز الذي يطلب الاطلاع على خطوات إجراء المسابقة لتدقيقها، و”نكش” الثغرات مهما بلغ حجمها أو أهميتها، ليبقى طالب الوظيفة يعيش على أمل طال انتظاره، وهو يردّد المثل الشعبي القائل “الصياد عم يتقلى والعصفور عم يتسلى”، لكن العمر يمضي دون اكتراث بأخطائنا التي يبدو أن لا أحد يهتم لمعالجتها؟.

دمشق – عواطف منصور