الصفحة الاولىمن الاولى

ثورة الـ"يوتيوب" تكسر حاجز الصمت: لا حلّ إلا أن ننتزع حقوقنا بأيدينا سعوديات: المشايخ والقضاة فاسدون.. ومن يطالب بالإصلاح يسجن باسم الشريعة

البعث – تقارير:
القرار الملكي الذي صدر في شباط الماضي في “مملكة العجزة السعودية” والذي كان محاولة للظهور بمظهر المحارب للإرهاب، طبق بالأمس على كل من يعارض السلطة السياسية والدينية للعائلة الحاكمة في بلاد نجد والحجاز، حيث أصدرت سلطات آل سعود أحكاماً بالسجن على 13 شخصاً لمدد تتراوح بين عام وعشرة أعوام بتهم تتعلق بما تسميه قضايا وأنشطة إرهابية ليتأكد أن الغرض من القوانين التي أصدرها النظام السعودي في مجال مكافحة الإرهاب ليس إلا محاولة منه لكم الأفواه ومصادرة الرأي في وقت تتسع ثورة اليوتيوب الشعبية في المملكة للمطالبة بالحقوق والإصلاح والذي حصل عليها تطور لافت حين انضمت سعوديات للثورة وظهرن خلال مقاطع فيديو مشهرين بطاقاتهم الشخصية.
وبحسب وكالة الأنباء السعودية فإن المحكمة الجزائية المتخصصة بالعاصمة الرياض حكمت على المتهمين الـ13 وبرأت سبعة آخرين في قضايا مختلفة، حيث اتهم المدانون بها بغسل أموال ودفع رشا وحيازة أسلحة حيث صدرت أحكام بمنعهم جميعاً من السفر خارج البلاد. وتأتي هذه الأحكام الجديدة في وقت اتهمت فيه جماعات سعودية ودولية معنية بحقوق الإنسان نظام آل سعود باستغلال حملتها ضد المتهمين بالإرهاب في اعتقال ناشطين حقوقيين ومعارضين سلميين لسياساتها القمعية وممارساتها ضد المواطنين السعوديين.
وفي مفاجأة غير متوقعة انضمت عشرات النساء السعوديات إلى “ثورة اليوتيوب” بالمملكة، للمطالبة بالحقوق والإصلاح والحريات العامة ليضع ذلك تحدياً جديداً أمام السلطات خاصة بعد اعتقال الرجال الذين بدؤوا تلك الثورة. وكانت “ثورة اليوتيوب” بالسعودية قد بدأت بصيحة غضب أطلقها شاب سعودي بسيط يدعى عبد العزيز الدوسري عبر موقع “اليوتيوب”، يعرب فيها عن ضيقه من وضعه المعيشي الصعب، متحلياً بالشجاعة العربية المعروفة وواضعاً صورة بطاقته الشخصية على الشاشة، معلناً هويته الكاملة لتنطلق كرة الثلج بالتدحرج وينضم إليه آخرون.
السعوديات خرجن بأسمائهن وهوياتهن كاملة بشجاعة عربية كبيرة، ليعلن مطالبهن ويؤيدن الرجال في مطالبهم. وتداول نشطاء سعوديون فيديو لسعودية تدعى شيماء المالكي، أعربت فيه عن فخرها بمن أسمتهم  بـ” الأبطال الذي سبقوني برسائلهم المسجلة، وقالت :”شعب فيه مثل هؤلاء ما ينخاف عليه”. وأضافت: “الوضع سيء في بلاد الحرمين ويزداد سوءاً.. المشايخ والعلماء والقضاة يساهمون في الفساد.. وكل من يبادر بالإصلاح يقمع ويسجن باسم الشريعة ..لا حل إلا أن ننتزع حقوقنا بأيدينا ..انتهى عهد الخوف وعلينا أن نتحرك جميعاً حتى لا يتفرد بنا الظالم”.
وما هي إلا ساعات وخرجت سعودية أخرى تدعى “صبا العسيري” لتؤيد مطالب الرجال والنساء قائلة: “إن أموال البلاد تنهب والمواطنون يعيشون في حالة فقر وبطالة، وفي حين يملك الأمراء مساحات شاسعة لا تدركها الأبصار لا يملك المواطن مئة متر يبني عليها منزلاً. وإن تسعة أعشار المواطنين السعوديين، يسكنون بالإيجار ولا تكفي رواتبهم لحياة كريمة في بلد النفط الذي سرق لصالح فئات محددة”.
صرخات الاحتجاج هذه عرضت أصحابها لإرهاب قوات آل سعود، حيث سارعت الأخيرة إلى اعتقال كل من عبر عن رأيه في اليوم التالي، إلا أن هذه الصرخة كسرت حاجز الصمت لدى عشرات آخرين فأطلقوا صرخات غضب من “حكم آل سعود” ومن الوضع الاجتماعي للشعب، لتكشف سلسلة من الفيديوهات حالة غضب لدى فئة من الشعب أصبحت لديهم الجرأة للحديث دون حجب وجوههم ومع إظهار بطاقات الهوية الخاصة بهم في آخر الفيديو غير خائفين من الملاحقة والاعتقال.
وبالإضافة للبسطاء والفقراء، تفاعل مع هذه الفيديوهات من يحملون مواقف سياسية وحقوقية واضحة، ويرفضون “تسلط عائلة آل سعود على الدولة وعلى الشعب ومقدراته” ويهددون بثورة شبيهة بالثورة التونسية واليمنية في حال عدم إنصات الملك لأصواتهم.
إلى ذلك يقول خبراء ومختصون إنه لولا الضغوط المعيشية وكبت الحريات الذي يعيش فيه السعوديون ما كان لهذه الدعوات أثر يذكر وإن ما زادها زخماً هو الانتشار الكثيف لمواقع التوصل الاجتماعي داخل المملكة وهي التي لجأ لها السعوديون للتنفيس عن أنفسهم بسبب عدم وجود أي مجال للحرية في الإعلام السعودي الموجه بشدة .
ورغم الوفر المالي الكبير في الميزانية السعودية في واحدة من أغنى بلاد العالم، لكن سوء توزيع الثروة بين الشعب والأسرة الحاكمة أدى إلى خلل كبير في المجتمع السعودي وتزايد الفقر وتراجع مستوى المعيشة بين السعوديين مقارنة بدول نفطية مجاورة، خاصة أن أكثر من 70 بالمئة من السعوديين لا يملكون منزلاً خاصاً طبقاً لأحد أعضاء مجلس الشورى السعودي.