اقتصادرأي

نقطة ساخنة يوم نبعثُ الجلاء مجدداً..

لعلها الضرورة جداً أن نستعرض اليوم وأكثر من أي وقت عهداً استعمارياً مباشراً مضى لكنه لم يغب لحظة، بل عاد مجدداً وبلبوسات شيطانية مختلفة أخرى، ها هي ويلاتها لم تستثنِ شيئاً أو أحداً.
فما تمرّ به أمتنا العربية عامة وسورية خاصة، بمواجهة أشرس وأعنف وأخطر ما مرّت به أمة ودولة ذات سيادة بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، لسبب بسيط لم يعد شعاراً فقط، بل حقيقة لا يمكن لأي كان نكرانها، وهي لأننا بدأنا أن نكون، كانت الردة بأن يُعمل وبكل تغوَّل على ألاَّ نكون!!.
وفي اللغة الجلاء ضدُّ للاستعمار والبعث ضدٌّ للأفول، وما هو ماثل اليوم من أحداث يؤكد دون شك أو مكابرة، ترجمة لصراع الأضداد.. مع فارق شاسع بين النقيضين لايختلف حوله ابن بشر.
ولو حاولنا المقارنة المنطقية لما كان يسعى البعث العربي لتجسيده على مدار ما قبل الاستعمار الفرنسي وما بعد طرده من عريننا، والمُعبّر عنه أصدق تعبير في نشيده القومي بحاضنته العروبية، مع ما تحاول فرضه قطعان بهيم الليل من نعيق جهلها وتخلفها وإرهابها الوهابي والدولي، المدمّر للفكر والحضارة ولأي عامل من نقاط القوة لبعث ونهضة هذه الأمة.. لتوصّل أبسط العقول لنتيجة مفادها: أن ما اشُتغل عليه وتمّ التخطيط له بكل دهاء وخبث، يستهدف من جملة ما يستهدف العودة لاستعمار ليس الأرض والثروات فقط، لا بل والأهم استعمار العقل، وتسخير زينة أمتنا ومجتمعاتنا “المال والبنون”..
هنا ولعله من واقع ألم ما نعيشه هذه الأيام، لا بد من التذكير بالاستعمار الأخطر بقرونه الأربعة، ذلك العثماني الذي نهب كل شيء حتى الهواء الذي كنّا نتنفسه ونهب خيرة صناعيينا المهرة وأذاقنا ويلات الجوع والقهر والتتريك للتجهيل، وكيف وكيف..، فعل من حلَّ بعده الفرنسي والبريطاني والأمريكي، بعد أن جمع وقسّم ووزّع ثم زرع شذاذ الآفاق من مرتزقة الصهيونية إسرإئيل، ليضرب كل نهوض ونهضة، ففعل ولايزال يفعل..
لابد من تذكير –رغم أن كل الوقائع لا تحتاج لذلك- من مُسِحَت ذاكرتهم القومية وغُيبت وطنيتهم، ليغيِّبوا بعمالتهم وخيانتهم أوطننا ووطناً..، وينسون أنهم ليسوا أمريكان أو صهاينة أو وهابيين، بل بشر سوريون وعرب..
وما أشبه اليوم بالأمس، ها هم الشخوص أنفسهم والدول نفسها، يعيدون الكرّة لضرب أي مدّ قومي، عبر إحباط لايزال مستمراً لم ينقطع، لكل محاولة عمل عربي مشترك، سواء أكان اقتصادياً أم علمياً أو ثقافياً، كونها أعمدة النهوض والبعث في مطلق أي أمة أو شعب..
وإذا كانت الحجة بالحجة والنتيجة بعد البرهان هي الفيصل والحكم، فإن ما تحقّق من إنجازات في عهد البعث داخلياً وخارجياً بعد الجلاء، وعلى الرغم من كل ما واجهه ولا يزال من عوائق مصنّعة وموضوعية وحتى السلبيات التي شابت مسيرته النضالية، يشهد له.. أن صدره أهل لوسام الجلاء..
في سورية وسواء كان حزب البعث قائداً في الدولة والمجتمع أو لهما، فإن أي مستعرض منصف لما حقّقه الحزب، خلال المرحلة الممتدة من سبعينيات القرن الماضي ولغاية ما قبل الثلاثة أعوام، وحتى فيها، لا بد وأن يشهد بما كانت عليه سورية، وما آلت إليه من تنامٍ وتطورٍ، وما حققته من أرقام شهد بها ولها المنظمات العالمية المتخصّصة وغيرها، وعلى كافة الصعد والقطاعات، كما يشهد على ما وصلت إليه بعد ربيع الإرهاب والتخلف..
وليس أخيراً نقول ومن صميم الألم وجذور الأرض: التقينا يوم فجّرنا النهار جلاءً.. وسنلتقي يوم نبعثُ الجلاء مجدداً.
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com