ثقافة

“مبــــــــــــــــــــروك” لـ هشام شربتجي

على الرغم من عديد الأعمال التراجيدية الشهيرة التي أخرجها الفنان هشام شربتجي للتلفزيون كـ : “جرن الشاويش- أسرار المدينة- أيامنا الحلوة- رياح الخماسين”، إلا أن اسم الفنان شربتجي ارتبط دائماً بسلسلة من الأعمال الكوميدية الشهيرة، ومن أبرزها: “مرايا- يوميات مدير عام- أحلام أبو الهنا- عيلة خمس نجوم”، وقبلها أعمال من أيام الأبيض والأسود كـ : “قصاقيص”، وقد كرّسته هذه الأعمال واحداً من أبرز مخرجي الأعمال الكوميدية التلفزيونية الذين عرفوا كيف يستفيدون من قرب الفن الكوميدي من الجمهور لتقديم مقولات، ومضامين هامة، وذات امتداد شعبي واسع.
والواقع أن مسيرة هشام شربتجي في عالم الكوميديا لم تخل من منغصات، أهمها الهجوم الذي تعرضت له أعمال: سلسلة النجوم: “عيلة 6 و7 و8 نجوم”، ومسلسل “أحلام أبو الهنا”، لاعتمادها على كوميديا الحركة بالدرجة الأولى، والتي يعتبرها كثيرون أردأ أنواع الكوميديا، إذا لم توظف بشكل صحيح، إلا أن المنتقدين لشربتجي على تقديمه لهذه الأعمال لم يلقوا الضوء، بالمقابل، وكما ينبغي، على أعمال اجتماعية- كوميدية أجاد شربتجي تقديمها كمسلسل “مبروك” الذي تقدمه فضائية سورية-دراما هذه الأيام، وهو مسلسل يبدو أنه سقط من ذاكرة الكثيرين من المهتمين بالكوميديا السورية، على الرغم من أنه يتفوق، شكلاً ومضموناً، على العديد من الأعمال الكوميدية السورية التي أُشبعت عرضاً وشهرة، ولم تكن على قدر من الجودة تؤهلها للعرض أكثر من مرة واحدة.
مسلسل “مبروك” الذي كتبه ممدوح حمادة، وأخرجه هشام شربتجي، وأُنتج في عام 2001، يقدم نفسه بكثير من البساطة، والتلقائية الآسرة التي تدفع المشاهد لمتابعة تفاصيله –على بساطتها- بكل جوارحه، نظراً لما يقدمه من قضايا اجتماعية على غاية من الأهمية، ولكن دون الخوض في تعقيدات الأعمال الدرامية التراجيدية التي اعتدنا عليها، وهو من خلال تركيزه في كل حلقة على جانب معيّن من جوانب حيوات شخصياته إنما يبعد عنه شبح التكرار، والملل الذي تعاني منه غالبية أعمالنا الكوميدية التي تم إنتاجها في السنوات الأخيرة.
واللافت للنظر في المسلسل أن عدداً من شخصياته الأساسية لم يُعرف عنهم تمرّسهم في الأعمال الكوميدية، وإن كانوا قد جربوا حظهم فيها أحياناً كسلاف فواخرجي، وعبد المنعم عمايري، ونادين، إلا أنهم في “مبروك” تمكنوا من خلال نص شفاف، ورؤية إخراجية متفهمة لطبيعة النص، ومبتعدة عن المبالغة في الأداء، من أن يقدموا إلى جانب زملائهم: “رفيق سبيعي- عمر حجو- وفاء موصلي-جرجس جبارة- زهير عبد الكريم”،  عملاً ناضجاً، وقادراً على شدّ الانتباه بالنظر لطبيعة مواضيعه الحارّة التي ترتبط بزمن محدد، أو أحداث بحد ذاتها.
أمينة عباس