ثقافة

“مسا الشعر” مساحة للحب والجمال بعيداً عن الحرب

مشروع جديد ممتلىء بالأمل والتفاؤل والقناعة بدور الجيل الشاب في بناء الوطن في زمن الحرب الذي بات فيه الجميع يبحث عن فسحة للجمال والحب والأمل، إنه مشروع “مسا الشعر” الذي انطلق مؤخراً في منطقة باب شرقي-مطعم عثمان بيك-.
وعنه حدثتنا الشاعرة رولا حسن مسؤولة التنشيط الإعلامي في جمعية “أبناء سورية الأم”  بقولها: هذا المشروع ترعاه جمعية أبناء سورية الأم وتهدف من خلاله لرعاية الشباب والتركيز على الهوية والتراث السوري، وكل ذلك في سبيل لم الشمل السوري من مختلف أنحاء القطر، وأضافت حسن: “مسا الشعر” يقام كل أسبوعين مرة، ونعنى في كل أمسية بتقديم تجربة جديدة على مستوى الشعر والموسيقا وأحياناً في الغناء والفن التشكيلي، ويمكن في الفترات القادمة أن نقدّم تجارب في مجال القصة القصيرة أو عرض فيلم سينمائي قصير، فالمشروع مفتوح ونريد من خلاله أن نظهر ما يقدمه الجيل الشاب خلال الحرب، وأن نؤكد أن الحياة مستمرة رغم الدمار والقتل، وأننا قادرون على خلق حياة جديدة في كل لحظة.

الحب رسالتنا
أما الأب ميشيل طعمة فقد تحدث عن جمعية “أبناء سورية الأم” على اعتباره من مؤسسيها بقوله: انطلقنا في الجمعية من مبدأ الحب، وكيف يمكن أن نوصل رسالته للجميع في ظروف يسعى العالم كله ليصدّر لنا الموت، وبالمقابل نحن نغرس ثقافة وحضارة وتاريخ سورية، لأنه كما نعرف جميعاً سورية منبت الحب. وعن أهداف الجمعية التي تسعى لرعاية الشباب وكل من هو قادر على العطاء في هذا البلد أوضح طعمة  أن تلك الرعاية تتم على ثلاثة محاور: اكتشاف– تمكين– تفعيل، إضافة لسعي الجمعية  لحماية الإرث الثقافي السوري من خلال توعية الجيل الشاب بعظمة الهوية السورية، وكانت هناك مبادرة أخرى تجاه الطفل السوري تركز على تعريفه بالتاريخ السوري والحقب التي مر بها، ختم طعمة حديثة بالـتأكيد أن الجمعية تضم كل أبناء سورية وتقوم بعمليات تشبيك مع المؤسسات في المحيط لتفعيل المواهب التي تم اكتشافها وتمكينها، ويتم التعاون في هذا السبيل مع المجلس الأعلى للإعلام ووكالة الأنباء السورية ووزارات الثقافة والسياحة والشؤون الاجتماعية.

قرع لأجراس الحياة
ورأت الشاعرة طهران صارم التي شاركت في الفعالية الأولى لـ “مسا الشعر” بعدة قصائد أن أهمية هذه اللقاءات والنشاطات تنبع من أهمية وخصوصية الزمن المقامة فيه، فالكل يدرك الظرف الصعب الذي نمر به، والحرب الخائنة التي لا تشبهنا ولا تشبه تاريخنا كسوريين، واعتبرت صارم أن هذه اللقاءات والأمسيات الأدبية ما هي الآن إلا تحدٍ لموت يحيط بنا، وقرع لأجراس الحياة التي تنبض بها أرواحنا، وهذا ليس غريباً عن المشهد الثقافي السوري الذي كان وسيستمر مضيئاً ومشعاً، مضيفة: أتمنى أن نساهم جميعاً في تفعيل هذه الأمسيات الثقافية وأنت ترى اليوم الحضور الجيد والرغبة في الاستماع للشعر والموسيقى بالرغم من الحرب التي لا تبعد عن مكاننا إلا أمتاراً، لكنها إرادتنا والحياة التي تليق بنا كسوريين.
الاحتفاء بالحياة
ومن المشاركين في الملتقى أيضاً الزميل الإعلامي والشاعر تمام بركات والذي قدّم عدة قصائد من مجموعته الشعرية “الآخرون ميتون على الحواف” ويرى أن هذه الفعاليات تسهم في تحقيق معادلة بسيطة يجب فهمها رغم تعقيدها في ظل الظروف القاسية التي تمر بها سورية هذه القاعدة تقول: إن كنت تريد الحياة فاذهب نحو كل مكوناتها الشعر والأدب وهما من مكونات الحياة ومن مكوناتها الفرح والمتعة  كما الحزن أيضاً. واعتبر بركات أن كل احتفاء بالحياة هو دليل عافية اجتماعية إنسانية فكرية، والأمسية الشعرية التي أقمناها في افتتاحية فعاليات تظاهرة “سما الشعر”  والتي تشرف عليها الشاعرة والصديقة رولا حسن هي احتفاء بالحياة والشعر والموسيقى والفرح وهذا ما يريده الناس بشدة، وكما رأيت كان الحضور جيداً، ولأن الناس يريدون أن يكونوا مع كل ما يبقيهم على قيد الحياة جاؤوا ليستمعوا للشعر والموسيقى والغناء وأيضاً لحضور المعرض التشكيلي الذي أقامته الفنانة ضحى الخطيب. وأضاف بركات: إن هذه اللقاءات تدفع دائماً إلى التعرف بأناس آخرين يتقاسمون معنا نفس الفرح والحزن والألم، وأقصد الشعراء الذين التقيتهم طهران صارم وصقر عليشي وأصدقاء آخرين كانت فرصة الاجتماع بهم مرة أخرى من الفرص الطيبة، خصوصاً بعد أن حالت الظروف الأمنية التي تمر بها البلاد من اللقاء بالعديد منهم  وقد وعد القيّمون على التظاهرة  بأنهم سيعملون على دعم المواهب التي تستحق، وهذا ما نتمناه فعلاً ونريده لأن المنابر التي يمكن أن يعبّر أصحاب المواهب عن أنفسهم فيها باتت شبه نادرة حالياً، وبالتالي وجود هكذا تظاهرات اجتماعية في المقام الأول وثقافية تعطي فرصة معقولة ويعول عليها ويبقى على الإعلام السوري أن يتابعها وأن يضيء عليها، وهذا باعتقادي واجب وطني وأخلاقي. شاركت في الفعالية أيضاً شاعرتان من الجيل الجديد هما أحلام زراع وخلود شما، كما استمع الحضور للعزف على البزق للفنان شكري سوباري وعلى الكمان للفنان مولر أبو أسعد، وزيّن أرجاء مطعم عثمان بيك عدد من لوحات الفنانة التشكيلية ضحى الخطيب.
جلال نديم صالح