محليات

بين قوسين قرار يبيح التهريب!

يوحي قرار وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية الذي سُمح بموجبه بتصدير 120 ألف رأس ذكور أغنام وماعز جبلي حتى نهاية شهر تشرين الثاني القادم، وكأنه ضرورة اقتصادية بحتة، لكنه فعلياً يبيح تهريب الأغنام!!.
طبعاً ليست المرة الأولى التي تُثار فيها قضية تصدير أغنام العواس السورية الفريدة من نوعها في العالم والمرغوبة جداً من دول الخليج!.
المشكلة كانت ولاتزال في”التعتيم” المريب على الأعداد الفعلية لرؤوس الأغنام البلدية التي تخرج نظامياً وتهريباً، لأن مامن جهة حكومية تمكّنت حتى الآن من تحديد أعداد الثروة الغنمية ليصار إلى تحديد جدوى تصدير كميات منها أم لا.. فهذه الثروة كانت كبيرة جداً في إحصائيات وزارة الزراعة لأن أصحابها يتقاضون على رؤوسها أعلافاً مدعومة، وهي قليلة جداً في إحصائيات وزارة المالية لأن أصحابها سيدفعون ضرائب عليها!.
والمشكلة أكثر تعقيداً على المنافذ الحدودية، فأعداد الأغنام التي تخرج وفق البيانات الجمركية أقل بكثير من التي تخرج فعلياً.. أي تهريباً عبر المنافذ الرسمية!.
وعندما يطلب القرار من الأمانات الجمركية “إرسال جداول بالكميات المصدّرة يومياً بالفاكس إلى وزارة الاقتصاد يتضمّن العدد والوزن والنوع وعلى مسؤولية أمناء الجمارك شخصياً”.. فهو اعتراف ضمني بعمليات التهريب الكبيرة التي لايمكن ضبطها إلا بالاعتماد على “ضمير” أمناء الجمارك!!.
أما أكثر مايثير الدهشة فهو ماتضمّنه القرار: “يوقف تصدير ذكور الأغنام فوراً ودون أية اعتبارات أخرى عند الوصول إلى الرقم المحدّد للتصدير..”!.
السؤال هنا: إذا كان لحم العواس السوري الطبق اليومي للخليجيين  والمفضّل لأضاحي عيد الأضحى.. فهل يكفي 120 ألف رأس لسد احتياجاتهم السنوية؟!..
يكفي أن يُلزم قرار وزارة الاقتصاد “المصدّرين قبل القيام بعملية التصدير بتنظيم تعهدات إعادة كامل القطع الأجنبي الناجم عن عملية التصدير”.. كي نجزم بأن البيانات الجمركية ستغطي خروج عشرات الألوف من رؤوس الأغنام تهرباً من إعادة القطع من جهة وتهرباً من الالتزام بالأعداد المسموح بتصديرها نظامياً من جهة ثانية!.
لو عرفنا المستفيد من تصدير الأغنام السورية واستيراد اللحوم الرديئة، لكشفنا كل الحقيقة المستترة على مدى العقود الماضية!.
أما إذا أرادت الحكومة حل هذه المشكلة جذرياً، فما عليها سوى تكليف مؤسسة حكومية كالخزن والتسويق بعملية تصدير الأغنام، وبإحكام السيطرة الفعلية -لا الشكلية- على منافذ تهريب الأغنام من المنافذ اللاشرعية المعروفة جداً من قبل الجهات المعنية!.
علي عبود