محليات

“اقتصاد حر وذكي..!”

مصطلح جديد يحاول التسلّل إلى حياة المواطن من بوابة المستقبل التي يثق السوريون بقدرتهم على عبورها الآمن عبر صناديق الاقتراع، والانطلاق من جديد في مسيرة عامرة بالبناء والإعمار عنوانها الانتماء الوطني الذي سيّج ولعقود طويلة نهج السيادة والاستقلال، ومتّن صلابة الجبهة الداخلية ورسوخ الوحدة الوطنية، ورصّ الصفوف من أجل الحفاظ على البلد لجميع أبنائه.
وبقليل من التبصّر والبصيرة، نستطيع فك شيفرة سياسة الاقتصاد الحرّ الذكي التي وللأسف ليست إلا محاولة جديدة لنهش آمال الشعب وقضم تطلعاته نحو الأمن والأمان، وإيقاعه في شباك ما يُعرف بالاقتصاد الوحشي الذي تُختزل مفاهيمه الاستعبادية بكلمة “الحر”، وتختبئ مكائده ومجسّاته الماصة لثروات الشعوب وراء عبارة “الذكي”، كما أن هذه السياسة هي بكل تأكيد الوجه الآخر لمحاولات وأد النهج الاجتماعي في الحراك الاقتصادي وقطع الحبل السري بين المواطن والدولة لصالح التخلي عن النهج الأبوي، مقابل تطبيق قوانين الاقتصاد الحر التي تنصب الكمائن والأفخاخ في حياة الطبقة الوسطى والفقيرة وتصطاد الحياة المعيشية بمخالب المجهول.
وبجرأة الاعتراف يمكن القول: إن بعض أوجه هذا النهج كانت لها بصمات واضحة في إيجاد البيئة الحاضنة للفكر التطرفي الظلامي ولأدواته التنفيذية الإجرامية، ومن ثم التغرير بأبناء البلد الواحد وتأمين انقلابهم على سلطة القانون، والمشاركة في مشروع تدمير الدولة ضمن مؤامرة كونية تجر الآن أذيال فشلها وتلملم ما تبقى من بقايا إرهابها النتن.
وإذا كان هناك من يؤمن بأن اقتصاد السوق الحر والذكي هو الأكثر ملاءمة للمرحلة القادمة لكي يجد كل مواطن موقعه في وطنه دون احتكار، فإن الكثير من السوريين يضعون هذا المصطلح في خانة البدع والهرطقات التي خبروا نتائجها الكارثية وويلات تداعياتها على حياتهم، كما أنهم حين يمعنون النظر جيداً في كل ما جرى ويجري وما يعيشونه الآن في مخاض الولادة الجديدة.. يقفون على ناصية الحقيقة ويوجهون بوصلة خياراتهم نحو الرؤية الشاملة الواثقة التي خبروا مدى مصداقيتها وحكمتها، ولمسوا نتائج إيجابيتها والتي تتفوق من كل المناحي والمجالات على تلك الرؤى القاصرة والعاجزة والضالة التي يتلاشى حضورها، وتتقزم فاعلية دورها أمام عزيمة وإصرار المجتمع بكل فئاته وأطيافه على تمتين جسور عبوره إلى ضفة الأمان التي ترتفع فيها رايات النصر، وتتجمع في بيادرها غلال النهج المقاوم الذي لم ولن ينحني إلا لله.

بشير فرزان