محليات

الأستاذ تلميذ؟!

يضيق بعضهم ذرعاً ولاسيما من يتهم نفسه ويتوهّم أنه بالدارج “معلم” و”حريف” و”فهمان”، بمجرد طرح فكرة الخضوع للتدريب والـتأهيل، على اعتبار أنه بخبراته وإمكاناته أرفع وأعلى من مستوى “مقاعد التلمذة” في إشارة إلى “الأستذة” التي وصل إليها والتي تفرض التعالي عن التعلّم واكتساب الجديد وإضافة الأفكار المبتكرة للمعارف تجنّباً للتكرار والوقوع في شرك النمطية والتقوقع على الذات بعيداً عن التطوير وتنمية المواهب والخبرات واكتساب كل شيء جديد.
حالة التململ هذه التي نتابعها عند كثير من المستويات الإدارية والمناصبية أكثر من الإنتاجية والكوادر الفنية والعلمية، تعدّ الوجع الذي يصيب المفاصل والمؤسسات ولاسيما ذات طبيعة العمل المهمّة التي تقتضي إلماماً ودراية علمية وعملية تقدّمها الدورات وبرامج التأهيل التي تعدّها البيوت والدور المتخصصة بإعادة صقل وتحريض الأفكار والعلوم المهنية التي تقدّم قيمة مضافة للأداء والمنتج النهائي سلعة كان أم خدمة أم غيرها.
لا ندري صراحة هنا أين العيب والخطأ، لا بل الإهانة في خضوع هذا الموظف أو ذاك المدير والمسؤول حتى لو كان من درجة وزير للتدريب والاستفادة من الكفاءات التي يمتلكها أكاديميون ومتخصصون محليون وحتى مستوردون من الخارج؟. قد يبدو الأمر مرتبطاً بثقافة سلبية جداً مردّها النقص الذي لا يحبذ معظم الكوادر أن يظهر عليه في الوقت الذي يأخذ فيه بعضهم الموضوع باستخفاف وعدم اكتراث وبسخرية مجتمع المؤسسات الذي يخلق أجواء التندّر غير المهضومة بحق من يرى في التعلم فرصة يجب اقتناصها لا التهرّب منها، في دلالة واضحة على الجهل والفشل والفراغ في جمجمة الرأس؟.
أذكر منذ سنوات عديدة عندما شحذت الحكومة الهمم وأخضعت معظم مديري المؤسسات والشركات وحتى المحافظين ومعاوني الوزراء لدورات تدريبية مكثفة وبرامج معدّة مسبقاً لا تستثني أحداً، آنذاك لم يتخلف أحد لا بل لم يتجرأ أحد أن يتغيب لأن التوجيه للجميع يعني أنه للجميع، وقتها كان الكل على مقاعد الدراسة طلاب علم وتلاميذ دراسة لا ينقصهم إلا التكليف بالوظائف البيتية، بينما بعد تبيّن الصالح من الطالح والراغب بالاستفادة من غيره، بقي “الشطار” والأدمغة ورحل بعض  فارغي الأدمغة وكذلك بقي آخرون لأسباب يعرفها كثيرون؟.
المفارقة في ملف التدريب والتأهيل أن مديرينا يتعففون عن البرامج الداخلية والمحلية منها، أما الخارجية التي تعني سفراً وبعثة وسياحة والأهم “مهمة” وتعويض اغتراب ومبلغ محترم، فالاحتكار هنا للمدير فقط لأنه المخ الوحيد الذي سيجلب الخير إلى مؤسسته؟.
علي بلال قاسم