ثقافة

قلوب الأدباء نابضة بالشعر رغم الحزن الطافح

في الأصبوحة الدورية في مركز الأمانة العامة لاتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينين، برزت  صور الشعر العربي والسرديات العالية في اللغة، إذ قدّمت مجموعة من الشعراء نصوصاً وقصائد يملؤها البوح الموجوع المغلف بالحزن والشكوى اللذين يرفضا الانكسار..
ومابين ممازجة بين الوجع الخاص والعام فقد وقفت أغلب القصائد على الحد الفاصل للوجع، الضاغط على الوتر الحساس ليدفع بنا نحو التخلص من بكاء الجوانيات والنظر نحو مستقبل وليد سيكون عامراً بالأمل والانتصارات..
“عابرون في زمن عربي” هو النص الطويل  للشاعر “أيمن خالد” الذي أنفل كخيط ممتد من قصيدة محمود درويش “عابرون في زمن عابر” وهذا ما دفع الشاعر أن يستحدث العنوان معتذراً بداية من درويش، إذ أنه جعل العابر في قصيدته الجديدة هو الفلسطيني.. وكل موجوع قد نزح من بلده.. بينما العابر الحقيقي في قصيدة درويش كان الإسرائيلي..
توجه أيمن خالد لتوصيف فلسطين مؤكداً وجع المخيم ومعاناة الفلسطينيين لنزوجهم من مخيم إلى آخر (نحن امتداد الظل والصفعات نحن نهاية الجرح الذي يمتد حول رقابنا ألماً ونزفاً).
كما تجلت اللغة الشعرية المفعمة بالصور والبوح الوجداني في ثنايا كلماته كقوله: (الدمع يكشفنا وأخشى أن أراك) واستعارات واضحة وجمل قاسية التعبير: (سنحارب الرومان بالجوعى، بكل معذبي أرض الشتات)..
فيما رأى الناقد “أحمد هلال” أن الكاتب في القصيدة لم يمتص النص الشعري ولم يتمكن من تحقيق الغنيمة الأدبية إذ بقي أسير النص الدرويشي دلالياً وواقعياً بالرغم من الإبداع في التوصيف والتركيز، كما أكد أن النص قد تفوقت فيه البلاغة السياسية على البلاغة الشعرية بدلالات غير مفتوحة اقتصرت على مخيم اليرموك.
بينما قدمت الشاعرة “سميرة بدران” قصيدتين مختلفتين نوعاً ومضموناً بحيث تمكنت في القصيدة الأولى “تجليات في حضرة عشتار” من عصرنة الأسطورة ومزجها بالواقع المعاش في أيامنا هذه، كما تمكنت من مزج أصول الوجع الساكن في الجوانيات بالفواجع وسفر الوقت وارتعاشات الأماني بكل كبرياء، فالألم فائض مر ويتجلى ذلك في ولها (أحتسي وجعاً، احتاج وقتك كي أعير الريح سوسن خاطري) فيما برزت ملامح الألم والقهر (أحس الملح في عيني..أنت اليوم مقصلتي).
وعن قصيدتي الشاعرة “بدران” قال الناقد “هلال” أن القصيدتين مبنيتان وفق معنى بلاغي وجمالي كونها حاولت عصرنة عشتار بصوت الحاضر المشغول بجماليات وإحساس متقد، ماجعل النص باذخاً وفق نغمة حزن بكائية تستدعي الأمل المنتظر.
أما الشاعرة “سوزان إبراهيم” فقد قدمت مقطعيات عدة ونصوصاً شعريةً تتنوع بين الحب والوله والواقع المعاش، مستفيدة من الاستعارة من الطبيعة الأم متماهية بالوضع الراهن لتقول: (الأرض ساحة حرب بين الملائكة والشياطين) وهنا لم يغب وجع الوطن عن ذهن الشاعرة وظل موجوداً في أغلب الومضات والنصوص، كما في: (في الطريق سقطت عيناي خفتُ أن أخرجَ للبحث عنهما دون عكازيا الله إني أراك فقُلْ لي كيف)
وعنها يقول الناقد”هلال”: تدفعنا النصوص نحو أسئلة أكثر جدية فهي مفتوحة على السرد والاحتمالات متلبسة النص الحكائي، لكونها تحتمل تداخل كل الأنواع وهي لعبة تجيدها الكاتبة ما يضيف للنصوص نكهة تخرج بها من إطار المغامرة.
بينما لم يتفق الشاعر والناقد “خالد أبو خالد” مع بعض المداخلات التي جرت في ختام الأصبوحة فقد وجد في نص “أيمن الخالد” نصاً حقيقيا لدرويش بالرغم من موهبة الكاتب الواضحة التي تخفت  تحت النفس الدرويشي، بالرغم من رؤيا الشاعر التي خالفت قيم الحياة غذ قال أن (الخبز أغلى من وطن)
بدوره  الناقد والشاعر “أبو خالد” رأى في قصائد الشاعرة “بدران”: نفساً جديداً أصولياً قائماً على عصرنة الرمز وقدرة عالية على مواكبته للتفعيلة والشعر المنثور في القصيدة الثانية، فيما برزت وتصدرت قصيدة “عشتار” للإمكانيات اللغوية العالية والقدرة على التحدي.
أما ومضات الشاعرة “سوزان ابراهيم” فقد رأى الناقد “أبو خالد” أنها  تنم عن جهد وثقافة واضحين فالعناوين والكلمات تتداخل مع الفكر وتنم عن حرية الكتابة لملامستها طبقات المجتمع ومابين طياتها  بكل شفافية وشاعرية مهما بلغ بها الألم.
ديمه داوودي