اقتصاد

نقطة ساخنة حداثة مؤسساتية

كل متابع لحركة المؤسسات، ولاسيما الاقتصادية منها،  يلمح تعاطياً مختلفاً وطروحات إنما كانت عبارة عن أفكار لم تخرج إلى طور التنفيذ.
وما يميّز عدداً من القائمين على هذه المؤسسات محاولاتهم لكسر الأسلوب التقليدي في العمل، والتطلع إلى مرونة أكبر تعطي بُعداً جديداً للعمل، وتنقله إلى مجال مسايرة التطورات الحاصلة في مختلف المجالات، وقفزة نوعية تجسر الفجوة بين القطاع العام وآلية عمله الروتينية وبين الخاص ذي القدرة على التكيّف مع المستجدات.
وطالما نادى الأكاديميون بالانتقال إلى العمل في المؤسسات العامة الاقتصادية إلى نموذج الخاص وتحويلها إلى شركات، وإشراك العمال فيها كمساهمين، لم تصل قدرة مديري بعض هذه المؤسسات إلى الوصول لذلك التحول، فكان هناك التفاف موفق لم يخلُ من رؤية موضوعية، وإن نجحت يمكن أن يصنّفوا من المديرين الناجحين و”الحداثيين”، عبر العمل على فكرة إحداث شركات تطوير كل في مجال عمله تكون لها صفة عامة، بينما تُدار بعقلية القطاع الخاص وتتحوّل فيها المؤسسة إلى مستثمر كباقي المستثمرين، ما ينقل النتائج على الأرض إلى مرتبة الإنجاز.
أما أول تجربة تمّ تسجيلها، فكانت انتقال المؤسسة العامة للاتصالات وتحويلها إلى شركة “مع التحفظ على بعض بنود هذا التحول”، لتشمل إعداد هيكلية جديدة للمؤسسة لأن الهيكلية المعمول بها سابقاً لا تنطبق على هيكلية شركة.
أيضاً هناك جبهة عمل مماثلة أخرى طرحها وزير السياحة بشر اليازجي عبر إحداث شركة تعمل كمستثمر سياحي، وتكون مملوكة للدولة لكنها تستثمر بأسلوب “الخاص”، وخارجة عن النمط التقليدي الرائج ذي “الموضة البالية”، فالوزارة اليوم بدأت تلعب دور المطوّر، دون أن تنتظر المستثمر ليأتي أولاً كي تبدأ العمل، مع التأكيد أن “الفترة المقبلة ستكون قائمة على أساس التشاركية بين الوزارة وجميع النقابات والمؤسّسات والهيئات المعنية، والحديث جارٍ اليوم عن نيّة الوزارة توظيف أموال بعض الجهات الحكومية في القطاع السياحي ضمن ضوابط محدّدة، عن طريق تأمين تمويلات بصيغة الشراكة للاستثمار السياحي”.
قد يكون هذا الطرح الجديد والتفكير “النشط” الذي يثمر نتائج خلّاقة، محركاً أساسياً للنهوض بالقطاعات المختلفة، لكن لا يكفي الحديث فيه فقط، إنما يحتاج إلى تشريعات وضوابط محكمة أولاً، وإلى مؤازرة وتنسيق بين المؤسسات المختلفة، والأهم يحتاج إلى مديرين “خلاقين” قادرين على قيادة هذا التحوّل.
سامية يوسف
samiay@gmail.com