ثقافة

الحافظ الأمين

سلوى عباس

“الثقافة هي الحاجة العليا للبشرية” مقولة أطلقها الرئيس الراحل حافظ الأسد فأصبحت منطلقاً في إعلاء صرح الثقافة، وتوسع مؤسساتها. وقد تمثل الرئيس بشار الأسد هذه المقولة فكراً وممارسة إيماناً بالثقافة قناة تربط بين الفكر والسلوك، ومحصلة تاريخية لرغبة الإنسان في خلق أشكال جديدة للحياة، حيث تتجسد الثقافة في كل عمل نعمل على تحقيقه كأفراد في المجتمع.
وقد عمل الرئيس بشار الأسد على تأمين المناخ الصحي والمناسب للثقافة، وأرسى دعائمها، وقدم لها كل دعم، لـتقوم بأداء مهمتها الرائدة على أكمل وجه، عبر وزارة الثقافة ممثلة بمؤسساتها المختلفة التي تجسد دورها الفاعل في عملية البناء الإنساني. وبحكم التحديات الكبيرة التي تواجهها الثقافة وتحديداً في هذه الحرب القذرة التي تتعرض لها سورية حيث كانت صروح الثقافة ورموزها أول ضحايا الفكر التكفيري حيث اعتدي على الكثير من المواقع الأثرية وحطمت العديد من التماثيل لرموز فكرية لها إرثها وبصمتها التاريخية، لكن ذلك لم يثن الوطنيين القائمين على المؤسسات الثقافية من أن يواجهوا هذا التحدي عبر إعادة البناء، ووقف التداعي في الكيان الوطني فتجلت الثقافة حاجة مفتوحة على المدى، لا تقف عند حدود، تمثل رسالة سامية وملتزمة بالشعب، وسلاحاً في بناء المستقبل المشرق للأجيال القادمة، وتجذير الحضارة على كل الأصعدة.
ومهما تكن عطاءات الرئيس الأسد وإنجازاته في مجال الثقافة كبيرة، نبق مقصرين عن الإحاطة بكل جوانبها، فهو مشجع للإبداع والثقافة، والاستمرار بالعطاء، ومثال حي للالتزام المبدئي للقائد الرمز، بما يجسده من عقل منفتح، وإمكانيات علمية متقدمة، ومتصلة بإنجازات العصر، وابتكاراته وتطلعاته، في إطار التقنيات الحديثة، وقراءتها في خارطة شمولية، تعكس عملية الربط بين التطور العلمي وحاجات الواقع، والرصيد الأخلاقي والقيمي للشعب والأمة، وهو يؤكد أن التطبيق الجدي والأمثل للثقافة يتجسد بتأكيد دورها وأهميتها، وهذا يعني الاعتراف بفكر الآخر وتعدد الأفكار وتنوعها، واعتبار الحوار الصيغة الوحيدة للوصول إلى الحلول الأفضل والأنجع في حل أي عقبة أو مشكلة قد تواجه المد الثقافي المتصاعد إلى الأفق الأوسع.
ومن أجل كل ما ذكرنا من مآثر وسجايا الرئيس الأسد نتوقف اليوم عند الاستحقاق الوطني حيث إجماع الشعب عليه يجسد حلماً من حب، ارتسمت تطلعاته وأمانيه على جبينه أمانة كان الحافظ الأمين لها، والأمل في أبهى حالاته، حمله بكل ثقة، واضطلع في مهامه، وكان العين الساهرة على مستقبل الشعب وأمنه يتابع التفاصيل بدقة وحزم.
اليوم.. وفي إعادة رسم الحلم، وتحدياً للإرهاب الكوني علينا نستحضر حالات تجلت فيها روحه إنساناً من أمل، شكلت لوحة مزخرفة بالمحبة، إنساناً قريباً من الجميع، يشاركهم حياتهم وهواجسهم، وقد جمع بين مهمته كرئيس وإنسان، ليعيش معهم إنسانيتهم التي هي جزء من إنسانيته، فكان الأب الحنون لأطفال فقدوا آباءهم فداء لعزة الوطن، يحنو عليهم ويطمئن على مستقبلهم، فكيف لنا أن ننسى تلك الطفلة التي شاء القدر أن تُحرم من دفء قلب والدها وعطفه، والتي أدركت بحسها الطفولي العفوي أنه الوحيد الذي يمكن أن يعوضها عنه، وفعلاً كان احتضانه لها يعبر عن أبوة حقيقية فامتلك بشخصه حنو الأب وعظمة القائد، ولا ينتهي الأمر هنا فقد كانت إشراقته على أبناء الشهداء في ذكرى استشهاد آبائهم، كما الغيث يهطل على أرض عطشى تدافعوا جميعاً إليه يعبّرون له عن حبهم وسعادتهم بوجوده بينهم كأب رؤوم يبلسم جراحهم، ويسقي نسغ أرواحهم.
كثيرة هي المواقف التي يمكن أن نذكرها للرئيس بشار الأسد الذي لم تمنعه تلك الحرب القذرة التي تتعرض لها سوريتنا الغالية من متابعة كل صغيرة وكبيرة تتعلق بالوطن وأبنائه حتى المغتربين منهم، وماذا نذكر أيضا من مآثره وسجاياه وهو الشخص القريب من الروح. فيا رمز سورية العظيم.. هاهم السوريون في ساحات القرى والبلدات والمدن هبوا جميعاً يبادلونك الحب بحب، ويعربون عن امتنانهم لك، فلتهنأ بشعب أجمع على اعتلائك سدة المجد وتوجك قائداً تاريخياً وحارساً لأحلامه وتطلعاته.