محليات

بين قوسين التعبئة بالمقايضة

لم تشأ الحكومة أن تمرّر مرحلة التحوّل التكتيكي والاستراتيجي التي تمرّ بها مجريات الحراك الاقتصادي من بدء عودة عجلة الإنتاج إلى حركتها الطبيعية تدريجياً إلى رجوع عدد مهمّ من المستثمرين الذين غادروا إلى دول عربية وأوروبية، دون أن تستثمر الظرف لتأمين أرضية وبنية كافية لتحفيز المقيم والمغادر والمهاجر على حدّ سواء عبر قنوات تنجح الوزارات والمؤسسات في إنتاجها وصناعتها وفق وصفة محلية ووطنية تتناسب مع الأهداف الكبرى التي ترسم طريق خدمة التنمية ورفع مستوى الدخل القومي وتحسين الواقع الحياتي للمواطن والمجتمع.
وإذا كان ملف القوانين والتشريعات أخذ حيزاً من التوضيب والإنجاز وإعادة النظر والخلق من جديد، فإن أقطاب السلطات كافة تسارع إلى ترميم واقع وإيجاد آخر يمهّد للمرحلة القادمة المنتظر التأسيس لها، وهذا ما يُشتغل عليه مؤسساتياً وتشاركياً وتنسيقياً بين الحكومة والمجتمع الأهلي والفعاليات بشتى مرجعياتها وانتماءاتها وقطاعاتها.
وريثما تنتهي هذه الأجندات والاستحقاقات الطويلة الأمد، ثمّة حاجة إلى صياغة حلول إسعافية تسهّل الجدول اليومي لنشاط البلد، والأهم تأمين المواد الأولية التي لا يكفي الدور الرسمي للدولة في تأمينها، بل لا بدّ من الزجّ بالتجار ورجال الأعمال في العمليات التجارية القائمة التي تحتاج حكماً إلى مرونة الخاص في تلبية الاحتياجات.
الجديد الذي خرجت به الحكومة إبرام عقود مقايضة مع شركات خاصة قوامها سلع يتعطّش إليها السوق وتصرّ وزارة الاقتصاد على توفيرها تجنّباً للعنة النقص والحاجة ومنعاً لحصول أزمات في الوفرة والأسعار، وتقول التفاصيل: إن الاقتصاد بعد ماراثون الدراسة الطويل الذي أخذته عروض الـ30 عقداً التي تقدّمت بها مجموعة من الشركات للعمل تحت سلطة وراية الحكومة في هذا المجال، تم اختيار شركة لهذا الغرض وباكورة الأعمال كميات من الرز ذي الحبة القصيرة والمنشأ الآسيوي ستتم مقايضتها بسلع محلية وضعتها الحكومة في قائمة تتضمّن الفوسفات وزيت الزيتون والألبسة وغيرها.
ومع دخول العقد حيز التنفيذ تكون الحكومة قد فتحت الباب عريضاً على سهولة وانسيابية تدفق السلع بأقل التكاليف وبطرق تخترق جدار المقاطعة والحصار الذي فرض على البلد منذ سنوات، وفي سياسة لا تخلو من الحذر الذي استوجب الموافقة والترخيص لشركة واحدة من رئاسة الوزراء مبدئياً، علماً أن التوصيات الوزارية كانت تصبّ في قبول نحو سبع شركات متوافقة مع المعايير، تقول الوعود التي سرّبتها مصادر في اللجنة العليا للمقايضة: إن الطريق مفروش للمزيد في القادمات من الأيام.
تركّز الحكومة كثيراً على الغذائيات، لهذا كان أول الأعمال تأمين المادة لكن النيات تصبّ في العمل على جبهات كل السلع الضرورية ضمن قائمة الأولويات لاستجرارها وفق برنامج زمني لكل سلعة وفي مقدّمتها الأدوية والطحين والسكر وغيرها.
هي خطوة في محلها مع أن الحكومة على لسان أبرز المؤسسات المعنية بالمواد الاستراتيجية لا تنفك تؤكد الوفرة في جميع السلع وأن الاحتياطي الاستراتيجي موجود، ولكن التموين والتخزين والحذر واجبة ولاسيما أن الحرب ما زالت قائمة والتعبئة الاقتصادية لا تتوقف في السلم والحرب…
علي بلال قاسم