ثقافة

قادمات من فرنسا وأميركا والهند نساء سوريات يشاركن في رسم مستقبل الوطن

لأنه لم يكن يوماً عادياً في حياة الوطن نام السوريون بانتظار يوم جديد مختلف عن بقية الأيام التي عاشوها على مدار ثلاث سنوات ونيف فكفكفت دمشق صباح أول أمس الباكر دموعها ولملمت جراحها وخلعت رداءها الأسود وارتدت رداء الوطن بانتظار مستقبل أفضل وأيام أحلى.. ولأنها روح الوطن ولم تكن في يوم من الأيام على هامشه، هي التي أخلصت له ولوجودها فيه لم يكن غريباً إقبال المرأة السورية على العملية الانتخابية وهي مدركة أن صوتها ومشاركتها ليست نزوة عابرة ولا أمراً طارئاً على مجتمع احترم وجودها وحقوقها فكانت حاضرة ومنذ الساعات الأولى للعملية الانتخابية في كل المراكز قادمة من كل جهات الأرض ومن بعض البلدان تبث حب الوطن والتمسك به وها هي لينا مقدسي المغتربة في أميركا والقادمة من كاليفورنيا تؤكد في تصريحها للبعث وهي تستعد للانتخاب في مدرسة “دار السلام” حاملة بيد علمها السوري وباليد الأخرى تلوح بإشارة النصر لسورية أنها قطعت مسافات طويلة مع رفاق لها لتمارس حقها الانتخابي الذي مُنعت منه في أميركا البلد الذي يتشدق بأنه بلد الحريات فكانت مصرة كالسوريين جميعهم على المشاركة في انتخابات بلدها واختيار الرئيس الذي سيقوده إلى بر الأمان.

سورية في القلب
ولأن المرأة في سورية كانت ومازالت عضواً فعالاً في مجتمعها لم تر مقدسي إقبالها على العملية الانتخابية لممارسة حقها الذي كفله الدستور لها غريباً، مشيرة إلى أن المغتربين في أميركا أتوا إلى سورية لمشاركة الشعب السوري ومساندته، وللتأكيد على أن السوريين حينما يريدون شيئاً لا يمكن أن يقف في طريقهم أحد، ولذلك قطعوا المسافات الطويلة ليعبروا عن مواقفهم كسوريين من خلال الإدلاء بصوتهم، مؤكدة أن المسافات الطويلة تبعدهم جغرافياً عن سورية إلا أن سورية في القلب وهم يتابعون أخبارها على مدار 24 ساعة.. وختمت مقدسي كلامها بتأكيدها أنها انتخبت الرئيس بشار الأسد القائد الذي حمى الوطن ولأنه الإنسان السوري الوطني الذي رفض كل الإغراءات ليبقى الابن المخلص لسورية.

سنكمل المشوار معك
وتوضح زبيدة القادري القادمة من ولاية ميتشيغان في أميركا أن المغتربين السوريين في أميركا ظلوا طيلة فترة الأزمة يوضحون ويشرحون خلفيات ما يحدث في سورية، وقد ظلوا حاملين لواء الدفاع عنها ووجدوا أن وقت الكلام انتهى مع تحديد يوم الاستحقاق الرئاسيّ وأن الوقت حان للعمل من أجل سورية التي ما زالت في قلب كل واحد منهم.. من هنا كان إصرارهم على المشاركة في تقرير مصيرها بطريقة حضارية، وفي دمشق بعد أن مُنِعوا من ممارسة حقهم في العملية الانتخابية على الأراضي الأميركية، مبينة أنها كامرأة سورية تفتخر بسوريتها كما تفتخر بكل امرأة سورية حملت المسؤولية وقدمت التضحيات تلو التضحيات في هذه الظروف الصعبة.. وختمت القادري -وهي عضوة في لجنة العرب الأميركان للدفاع عن سورية- كلامها بتوجيه تحية للمرأة السورية وتدعوها للصمود والتحلي بالصبر والشجاعة، مبينة أنها انتخبت الدكتور بشار الأسد لأنه أصبح يمثل وحدة سورية والشعب السوريّ وهو من سنكمل معه المشوار لنصل إلى برِّ الأمان.

من فرنسا إلى سورية للانتخاب
في حين تبين د.فاطمة غريواتي الجدعان المغتربة في باريس منذ 40 سنة ودموعها تسبق كلماتها أن من يتمثل بالحضارة والديمقراطية والحرية لم يسمح للسوريين بالإدلاء بصوتهم أو اختيار رئيسهم، وقد مارست فرنسا أقصى أشكال الاضطهاد حينما فعلت ذلك إلا أن السوريين في فرنسا أصروا على ممارسة حقهم في الإدلاء بصوتهم فلجؤوا إلى الدول المجاورة لفرنسا (بلجيكا-إسبانيا) لممارسة هذا الحق إلا أن المنع كان سيد الموقف مما اضطرهم للعودة إلى باريس والبقاء أربعة أيام في المطارات حتى تيسرت أمورهم بالتوجه نحو دمشق.. ولا تستغرب الجدعان اندفاع المرأة السورية للإدلاء بصوتها وهي التي حصلت على المكاسب الكثيرة والتي مازالت المرأة الأوربية لم تنلها فكانت مدركة لدورها الفعال في المجتمع، وهو دور تمارسه منذ سنوات طويلة فكانت تمارس حقوقها وتقوم بواجباتها.. وختمت الجدعان كلامها مؤكدة على أن المرأة السورية متمسكة بجذورها وحضارتها وهي كمغتربة تعيش في باريس منذ 40 عاماً مازالت مرتبطة هي وأولادها وأحفادها بسورية الوطن الذين أصروا على مرافقتها للمشاركة في العرس الديمقراطي الذي سيقود سورية إلى مستقبل أفضل.

المرأة السورية تعرف ماذا تريد
ومن الهند تصر الفنانة التشكيلية عاليا غراوي على مشاركة شعبها السوري في العملية الانتخابية فتقصد دمشق بعد رحلة طيران استغرقت 24 ساعة متواصلة (من الهند إلى البحرين إلى لبنان) لتتوجه يوم الانتخاب ومنذ الصباح الباكر إلى أقرب مركز انتخابي في دمشق لتدلي بصوتها لإيمانها بتأثير هذا الصوت كمواطنة سورية أولاً وكامرأة ثانياً مبينة أن صوت المرأة أكثر تأثيراً من الرجل لأنها الأكثر تأثيراً على أولادها وزوجها ولقناعتها أن الجميع مسؤول في هذا الوطن، وعلى كل واحد فيه واجب يجب أن يقوم به وتفتخر أن المرأة السورية واعية تعرف ماذا تريد وتدافع عما تريد وتدفع أبناءها باتجاه الوطن والدفاع عنه بعد أن تكالب عليها الأعداء الذين لا يريدون له الاستقرار والتطور، مؤكدة أنها ارتاحت بعد أن أدلت بصوتها وهي المتفائلة بأن العملية الانتخابية هي إحدى الخطوات الهامة باتجاه سورية المستقبل والتأكيد للجميع أن الشعب السوري قد اختار من سيقود سورية نحو هذا المستقبل وهو قرار سيادي داخلي بامتياز.

إقبالهن أمر طبيعي
كما تؤكد ميرزت عبود نائب المشرف العام على فريق شباب دمشق التطوعي أن الإقبال على العملية الانتخابية (نساء-رجال-شباب) كان كبيراً وبنفس المستوى لأن الشعب السوري برأيها حدد أولوياته لتعود سورية كما كانت وأن العملية الانتخابية عملية ديمقراطية نص عليها الدستور السوري ولذلك من واجب الجميع أن يؤدي واجبه الوطني.. ومن جهة إقبال المرأة على الانتخابات فهي ترى أن ذلك أمر طبيعي لمن حُرم أولادها من الذهاب إلى مدارسهم ولمن فقدت أولادها ولمن شردت وقُتلت واغتُصبت، مشيرة إلى قوة المرأة السورية التي وقفت في هذه الأزمة إلى جانب الرجال في الدفاع عن سورية والتي حملت السلاح لأجل ذلك فأصبح لديها كتائب من السيدات ضمن الجيش العربي السوري.. وختمت عبود كلامها بالتحية لنساء سورية الصامدات والمدافعات والمناضلات والأمهات اللواتي أنجبن أبطالاً دافعوا عن سورية الوطن.

إقبال المرأة على الاقتراع كبير
وتبين لينا حسن رئيسة المركز الانتخابي في مدرسة “دار السلام” أن الإقبال على العملية الانتخابية من قبل المرأة كان كبيراً ومن مختلف الأعمار بشكل لافت للانتباه، خاصة وأن كبيرات في السنّ قصدنَ المركز بهدف الانتخاب، والسبب برأيها قناعة المرأة السورية بأهمية دورها في المجتمع وإيمانها أن الإدلاء بصوتها حقّ من حقوقها وقد كفله الدستور، وهو واجب في الوقت ذاته وقد أرادت أن تؤديه على أكمل وجه، وتبيّن حسن أن المرأة تضررت في الأزمة وقد فقدت الابن والزوج والأخ وتعرضت هي نفسها للقتل والتشريد والاغتصاب، وهذا كله شكَّل ضغطاً نفسياً كبيراً عليها جعلها تندفع لتعبّر بأية طريقة عن محبتها لوطنها ورفضها لما يحدث فيه من خلال ممارسة هذا الحقّ، خاصة وأن المرأة السورية متعلمة وهذا يجعلها واعية لممارسة حقوقها، مشيرة إلى أن ممارسة المرأة لحقوقها أمر ليس جديداً على المرأة السورية وهي التي وصلت إلى أعلى المناصب في الدولة.

تأثير المرأة كبير في مجتمعنا
ومن خلال مشاهداتها تشير مها غازي عضو المركز الانتخابي في “دار السلام” إلى أن مشاركة المرأة في الانتخابات كانت فعّالة جداً وتكاد تنافس أعداد المقترعين الذكور، مبيّنة أن وعي المرأة لأهمية هذه المشاركة يأتي كردّة فعل عفوية اتجاه الأزمة التي يعيشها الوطن، وبالتالي فهي تمارس حقها وتقوم بواجبها من أجل الوطن ولإعادة الأمن والأمان والاستقرار إليه، ولأنها معروفة بعلمها وثقافتها منذ الأزل كانت مدركة لأهمية صوتها، خاصة في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها الجميع في سورية، مؤكدة أن تأثير المرأة كبير في مجتمعنا وهي الدعامة الأساسية في الأسرة.
أمينة عباس