اقتصادتتمات الاولى

“الصناعة” تضع “نقاط” التراجع على “حروف” الظروف الموضوعية اختناقات وتراجع في مواصفات الإنتاج.. قِدَم الآلات.. ارتفاع معدلات استهلاك الطاقة وقطع التبديل

ثمة عوامل عدّة كانت بمنزلة رياح عاتية هبت على قطاعنا الصناعي العام، طالت سيرورة عمله وأثرت في خططه الاستثمارية والإنتاجية والتسويقية والمالية والإدارية، وأبرز هذه العوامل العقوبات الاقتصادية التي فرضت على سورية منذ أكثر من ثلاث سنوات، والأحداث الأمنية المؤسفة الناجمة عن تداعيات الأزمة الراهنة.
تدنٍّ
وفي التفاصيل ردّت وزارة الصناعة سبب تدنّي نسبة الاستفادة من الطاقات الإنتاجية القائمة وما نجم عنها من اختناقات وتراجع في مواصفات الإنتاج إلى العقوبات الاقتصادية المفروضة على سورية، إضافة إلى صعوبة تنقل العمال نتيجة الأحداث الأمنية.
وأشارت الصناعة في تقرير لها حول تتبّع خطة العمل حصلت “البعث” على نسخة منه، إلى أن ظهور مشكلة رواتب العمال في الشركات الواقعة في المناطق الساخنة التي طالها التخريب، وتوقف الإنتاج، واستمرار عبء رواتب العاملين في الشركات المتوقفة عن العمل أثقلت كاهل هذه الشركات بالديون، ما أدّى إلى تآكل قيمة الموجودات الثابتة وحرم قطاعات أخرى من القيمة المضافة للعاملين، إلى جانب صعوبة تأمين المواد الأولية وانقطاع توريد الغاز والكهرباء والفوسفات، وقلة الكوادر الفنية المتخصصة (نسيج – صباغة – ألبسة).
صعوبة
ومن المعوقات والصعوبات التي اعترت الخطة الإنتاجية -وفقاً للتقرير–  قِدَم الآلات والمعدات وانتهاء العمر الفني الإنتاجي لأغلبها، وتعدّد مصادر تأمين القطع التبديلية بسبب إغلاق بعض الشركات الصانعة معاملها، وصعوبة تأمين المواد الأولية بالأسعار المناسبة ما أدّى إلى زيادة التكلفة وانخفاض القدرة على التنافس.
توقف التمويل
وفي مجال الخطة الاستثمارية أوضح التقرير أن أبرز المعوقات تتمثل في عدم قدوم الخبراء لإكمال أعمال التركيب والإشراف على تركيب الآلات ولاسيما المشاريع المتعاقد عليها على أساس مفتاح باليد (حديد حماة – زجاج دمشق)، وصعوبة تأمين القطع التبديلية اللازمة لبعض التجهيزات والآلات، فضلاً عن صعوبة التمويل اللازم لتنفيذ المشاريع الاستثمارية وخاصة ذات القيمة الكبيرة ولاسيما بعد التوقف عن التمويل بقروض من صندوق الدين العام.
بطالة مقنّعة
أما في مجال التسويق فقد ترتبت على المنتجات الصناعية تكاليف إضافية بسبب ارتفاع رسوم الترانزيت التي تفرضها بعض الدول وخاصة المجاورة على عبور البضائع السورية، إضافة إلى قِدَم التكنولوجيا وما ينجم عنها من ارتفاع معدلات استهلاك الطاقة وقطع التبديل وتدنّي مواصفة المنتج، ووجود بطالة مقنّعة في معظم شركات القطاع العام الصناعي وخاصة بعد عمليات الاستبدال والتجديد والاعتماد على تقنيات تقلّص الحاجة إلى اليد العاملة.

دون ضوابط
ومن الأمور التي ساهمت في انخفاض الكميات المصدّرة من المنتجات الصناعية، عدم حماية المنتج المحلي وتوقيع اتفاقيات مع دول الجوار والدول العربية دون ضوابط ودون إعطاء الشركات دعماً للفترة الانتقالية، وتفاوت النظام الضريبي المفروض على مستلزمات الإنتاج، وقلة الاعتمادات المخصصة في بند الدعاية والإعلان والمعارض الخارجية، وعدم وجود شركات تسويقية متخصصة محلية ودولية تساهم في تسويق المنتجات الصناعية ودراسة الأسواق الجديدة، ناهيكم عن إحجام الموزعين والمورّدين عن التعامل مع الشركات لما يترتب عن التعامل من عقود وتأمينات وطوابع ورسوم وضرائب وبالتالي تحوّلهم إلى التعامل مع القطاع الخاص، وتحوّل الشركات إلى التعامل باليورو أو غيره من العملات الأخرى بدلاً من الدولار، وتذبذب أسعار هذه العملات مقابل الليرة السورية، ونقص الكوادر التسويقية في الشركات التابعة والخبيرة بالأسواق العالمية.
ضعف السيولة
المجالان المالي والإداري لم يكونا في منأى عمّا تعرّضت له بقية المجالات، إذ أشار التقرير إلى ضعف السيولة المالية لبعض الشركات ما أثر سلباً في تنفيذ الخطط الإنتاجية والاستثمارية، ووجود تشابكات مالية بين بعض الشركات وجهات عامة مختلفة، ما جعل بعضها يعجز عن تسديد رواتب العاملين لديه، إضافة إلى الروتين والتأخير لدى المصارف السورية في تبليغ الاعتمادات والحوالات الواردة.

دمشق – حسن النابلسي