محليات

“مشروع العودة”

ينتظر المواطن المهجّر إطلاق مشروع “العودة” إلى بلده بفارغ الصبر، وطبعاً هذه العودة لا تشمل فقط من خرج تحت تهديد الإرهاب ليكون لاجئاً في تلك البلدان التي باعت وتاجرت بمصيره، وحاولت قضم حقه الانتخابي بأنياب نكران الجميل، وتحييده عن وطنيته وهويته والتهديد بسحب صفة لاجئ، وحرمانه من حقوقه الإغاثية المسلوبة أصلاً، والتلويح بورقة الإبعاد للضغط على مسار قراره الانتخابي، أو أولئك الذين يعيشون في مخيمات “الحرية” التي ينزف سكانها ذلاً بعد أن تمّ تضليل قرارهم وإغرائهم واستغلالهم، بل تشمل جميع السوريين الذين يتطلعون ويترقبون الفرج الذي امتحن صبرهم وصمودهم بما فيه الكفاية، سواء على أرض الوطن التي احتضنت قصص نزوحهم الموجعة بكل آلامها ومرارتها أو خارجها بمختلف حالاتها، ماعدا تلك الخارجة عن حضن السيادة والقرار الوطني.
وطبعاً تشكل العودة إلى حياة الأمن والأمان وسيادة القانون قاسماً مشتركاً بين جميع السوريين الذين تتوحّد آمالهم وتطلعاتهم في باقة البلد والشعب الواحد، ولنكون أكثر واقعية والتصاقاً بحياة الناس وواقعهم ولنجنّب أنفسنا مغبة الوقوع من جديد في فخ التكرار المملّ للشعارات دون أي تصحيح للمسار الفعلي على أرض الواقع أو تثقيل أهدافها بمفهوم المواطنة التي قضمت بعض حقوقها من قبل بعض المتنفذين والمستفيدين في فترة من الفترات تحت عناوين الفساد.. علينا اليوم ونحن نستقبل مرحلة جديدة وتاريخية في حياة بلدنا أن نؤسّس لعمل جماعي مؤسساتي متكامل يساهم في تغيير تفاصيل حياة الناس، ويزرع في أحشاء يومياتهم منظومة حياتية تسود فيها العدالة بكل معانيها واتجاهاتها.
ومن الضروري أيضاً أن يكون هناك إقرار لإستراتيجية وطنية واضحة بمعالم وخطوط واقعية تعتمد الرقم الحقيقي دون استخدام لتلك العمليات التجميليه بمكياجاتها التي ساهمت ولسنوات طويلة في إخفاء حقيقة معاناة الناس وهمومهم التي -وللأسف- دفنت بين عشرات القرارات التي كانت بمضمونها تنعي أبسط مكوّنات استقرارهم، في الوقت الذي كانت في الكثير من المؤسسات والجهات المعنية تنفخ في قِرَب الإنجاز وتشارك في عراضات الخطوات الواثقة نحو المستقبل .
وبصراحة مواطننا اليوم بحاجة أكثر من أي وقت مضى لجرعة مضاعفة من الأمل، فواقعه المعيشي المأساوي الذي سقطت أبسط مقوماته تحت خطوط الفقر الدنيا يتطلّب خطوات جادة من أجل تحسين مستواه المعيشي وإعادته إلى خط الأمان الحياتي، وبكل تأكيد العبور إلى ذلك سيكون أولاً من بوابة زيادة الرواتب وتحسين الأجور بنسبة تتناسب مع الواقع فهل تتحقق هذه الأماني أم…؟!.

بشير فرزان