ثقافة

المشاركون في ورشة حصر الأضرار التي تعرضت لها المباني الأثرية : “معلولا” أيقونة التآخي والسلام

معلولا ذاكرة الصخرة والإنسان وأيقونة التآخي والوئام هي مدينة أسطورية خصها الله بترايتل محبة وصلوات إيمان فإذا بها قبلة للزائرين، هي قطعة من سورية الأم تألمت ونزفت كبقية المدن السورية ولابد أن تنهض لتمارس دورها المتفرد في بقعة لا تعرف إلا التسامح والبناء، وحرصاً على معلولا التاريخية أقامت المديرية العامة للآثار والمتاحف برعاية وزارة الثقافة وبالتعاون مع محافظة ريف دمشق ورشة عمل بعنوان “حصر الأضرار التي تعرضت لها المباني الأثرية في معلولا” في القاعة الشامية بالمتحف الوطني بدمشق وقد أشارت د. لبانة مشوح وزيرة الثقافة إلى أننا  نلتقي اليوم  لإلقاء الضوء على ما بات من المسلمات التاريخية والأثرية والروحية وهو أهمية معلولا التاريخية والأثرية واللغوية والروحية فهي مدينة متفردة بتاريخها الموغل في القدم وبكهوفها ومواقعها الأثرية التي تزيد عن أربعمائة موقع وبأديرتها ونقوشها وبقايا معابدها ولغتها الآرامية التي ولدت على أرض سورية، وأصبحت اللغة الرسمية للممالك الأشورية والبابلية ثم الفارسية  ومازالت إرثاً ثميناً يذهل العالم بأصالته وندرته.
ونوهت مشوح إلى أن معلولا التي لطالما احتضنت في حناياها الأحبة في الوطن والأشقاء في الإنسانية، لا تفرق بين مسيحي ومسلم، بين زائر ومتعبد، وتتردد بين صخورها أصداء الصلوات والتراتيل تسبح الله وتشكره على نعمة العيش الآمن في وطن الإخاء والمحبة والسلام ولعل تفردها هو ما جعلها هدفاً للعدوان والتخريب، كما أشارت إلى أن الحديث عن أعمال التنقيب التي جرت سابقاً في معلولا وتوثيق الأضرار التي لحقت بها واستعراض مشاريع الترميم إنما هي الخطوة الأولى لتعود كما كانت محجاً وملاذاً للمتعبدين.
بدوره أوضح د. مأمون عبد الكريم المدير العام للآثار والمتاحف أن الورشة أقيمت للتباحث حول ما جرى في هذا  الموقع الاستثنائي في تاريخ سورية، فمعلولا هي سورية المصغرة بما تمتلك من مقومات ثقافية وتعايش وتعرض هذا الموقع إلى الدمار يضعنا أمام مسؤولية وضع الخطط لإعادته إلى ما كان عليه من خلال الترميم والتدعيم، وقد بدأنا بمجموعة زيارات لتوثيق الأضرار ووضع خطة مستقبلية بناء على البيانات الموجودة لتكون محور دراساتنا الحالية.

أيقونة تاريخية ومدينة مقدسة
وشجون معلولا وما يراه ويسمعه المرء عنها هي دافع  الكثيرين للحديث عنها كما قال محافظ مدينة دمشق حسين مخلوف وأشار إلى أن برنامج الحكومة وتوجيهات الرئاسة متكاملة لإعادة معلولا أيقونة تاريخية دينية مقدسة وأبهى مما كانت عليه بتضافر كل الجهود لرعاية شؤون المنطقة، واليوم تم تخصيص مبالغ كبيرة للبدء بالترميم وإعادة البنية التحتية  وتقدير الأضرار لكل مواطن وتعويضه فنحن أقدم حضارة في التاريخ ولن تعجزنا الأعاصير.
ولفت د. محمود حمود إلى  أن المحافظة  قامت بترميم وتأهيل المدينة القديمة من خلال إعادة بناء البينة التحتية والواجهات والأبنية القائمة لتظهر بشكل يليق بهذه العروس التي تضاهي أكثر المدن السياحية في العالم  كما رافق مداخلته عرضاً لبعض أثار معلولا.
وعن الأهمية الروحية لمعلولا أكد الأب مكاريوس قلومة أن كل من عمل في تاريخ سورية المسيحي  يرى أن بشارة الإنجيل وما تركه رسل المسيح وتلامذتهم من آثار وخاصة المعابد التي انتشرت في المنطقة  يشير أن المسيحية انتشرت في معلولا مع بداية الديانة المسيحية التي انطلقت في دمشق وفي أحضان معلولا التي أصبحت مركزاً مسيحياً هاماً للمنطقة وكل ما هو موجود شاهد على قيمتها الروحية فهي مدينة مقدسة.

معلولا في عيون الفنانين
من جهته تحدث د. طلال معلا رئيس وحدة ودعم التطوير التراثي الثقافي عن أهمية معلولا لدى الفنانين، فبالإضافة لموقعها الأثري وموقعها الطبيعي هناك أشياء لا يمكن الحديث عنها بشكل مباشر، هي التي استقطبت الفنانين حيث بدأ الاهتمام بمعلولا في منتصف أربعينيات القرن الماضي عندما زارها بعض الفنانين واكتشفوا روعتها فحين نشاهد التعامد في البيوت والعلاقة  بين الليونة في الجبال وقساوة الزوايا في البيوت ندرك أن هذا الموقع يملأ الكادر لدى الفنان سواء كادر اللوحة أو كادر الضمير الجمالي وكل فنان عكس عوالمه الداخلية بطريقته وأسقط  دواخله على المدينة فأضحت أيقونة مستمرة للأجيال في الفن التشكيلي.
وحول أيقونات معلولا تحدثت ندى سركيس مرممة رسوم جدارية وأيقونات قائلة: إن معلولا تضم عدداً من الأديرة التي تمتلك أيقونات أثرية ولكن أكثر الأيقونات شهرة  موجودة  في  دير مارسركيس وباخوس وأهمها هي أيقونة الصلب وأيقونة العشاء الأخير الموجودة ضمن قطعة واحدة.

على قائمة التراث العالمي
من جانبها أشارت المهندسة لينا قطيفان مديرة المواقع الأثرية أن معلولا سجلت على اللائحة  التمهيدية للتراث العالمي في عام 1999 من ضمن 16 موقعاً رشحتهم سورية  تمتلك قيماً عالمية، وما يؤهل معلولا أنها  تمثل استيطاناً بشرياً امتدت جذوره منذ التاريخ القديم ومازالت آثار حضاراته مستمرة حتى الآن وحالياً هناك تواصل مع اليونسكو لتسجيلها على اللائحة العامة للتراث.
بينما رأى الأستاذ نظير عوض أن معلولا هي التي ستضيف قيمة إلى اللائحة وليس العكس  فهي موقع اسثئنائي وقد  تم الحفاظ عليها وفق ضوابط ومراسلات، وصدر القرار الأول عام 1966 الذي سجل بعض المناطق ثم أضيفت معالم أخرى إلى ذات القرار، فيما بعد أجرت المديرية العامة بمساعدة مؤسسات أخرى دراسة معمقة للموقع وأصدرت قراراً طال كافة المناطق في معلولا ضمن جملة ضوابط ومعايير للحفاظ على معلولا وتأهيلها لتسجيلها على لائحة التراث العالمي.
لوردا فوزي