اقتصاد

“بفرنكين”..!؟

ما آل إليه حال محاصيل الليمون في محافظة اللاذقية عامة وفي ريف جبلة خاصة لا يسرّ الصديق، فأطنان من الليمون مرميّة على أطراف البساتين على مدّ النظر لعدم تغطية تكلفتها بالحدود الدنيا؟.
فاتورة وصورة شاهدناهما على موقع شبكة أخبار جبلة، علّق عليهما أحد أعضاء اتحاد المصدّرين السوريين قائلاً: من الضروري الاهتمام بالموضوع، ودون مبالغة توجد مسؤولية اجتماعية وأخلاقية كبيرة جداً للموسم القادم، وهذا الموسم في أعناقنا جميعاً…
الصورة والفاتورة اللتان لا مجال لعرضهما هنا تقولان الكثير وترسمان المصير الذي إن لم تتدخّل الجهات المعنية بشكل فاعل بعيداً عن المؤتمرات والاستعراضات المهرجانية والخطط والمشاريع الورقية، فلا شك أنه لن يبقى لنا ولفلاحنا سوى “التلمّظ”من ليموننا.
ففي عملية حسابية لا تحتاج إلى أية حاسبة، أجراها أحد مزارعي الليمون لمصير محصوله في جبلة، تبيّن له أن موسمه الـبالغ (طناً و29 كيلوغراماً)، لم يتجاوز ثمن الكيلوغرام الواحد منه في أفضل الحالات 11 ليرة سورية، أي إن كل تلك الكمية لن يتعدَّى سعرها 11319 ليرة سورية فقط، وهو أمر لم يحتمله، ما دفعه إلى تركه على قارعة الطرقات.
في الوقت ذاته، إن أردنا حساب التكاليف اللازمة لإنتاج تلك الكمية، فإن العملية تقودنا إلى نتيجة مؤلمة وأكثر من مقلقة ومفجعة..
الفلاح الذي فضّل رمي محصوله على جوانب الطرقات قام بالعملية الحسابية الآتية لإنتاجه، فبستانه يحتاج على الأقل إلى 4 عمال للقطاف، أجرة كل عامل 800 ليرة أي ما يعادل 3200 ليرة، وتكلفة صناديق التعبئة (الشرحة) للـ 1029 كيلوغراماً تبلغ 4800 ليرة، وهذا طبعاً حسب صندوق التعبئة بسعر المستعمل 40 ليرة وليس بالسعر الجديد 53 ليرة، تضاف إلى ذلك أجرة شاحنة النقل من البستان إلى البازار التي تصل إلى 1700 ليرة على أقل تقدير، علماً أن الأجرة تختلف حسب بُعد البستان عن البازار، وكل هذا قبل أن يقوم بحساب تكاليف الري والسماد وغيرهما من الأعمال.
وبالنتيجة كانت محصّلة تعبه وكدّه على مدار موسم كامل هي: (11319 -3200 -4800 -1700 = 1619 ليرة فقط) لموسم ذلك المزارع !.
صورة وفاتورة عند مشاهدتهما لا نستطيع إلاّ أن نتذكر تلك التصريحات الواعدة بإنشاء معمل للعصائر وغير ذلك من المشاريع النظرية، ولا ندري كيف قفز إلى الذاكرة ذاك المشهد من فيلم ليالي ابن آوى، حين قام الممثل القدير أسعد فضة بـإتلاف محصوله من البندورة وهو يردّد غاضباً: “بفرنكين بفرنكين..”، فليذهب المحصول ويبقَ عواء ابن آوى يمزّق سكون الريف.
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com