ثقافة

إنها العاطفة

انتهت الانتخابات الرئاسية السورية، وفاز الرئيس بشار الأسد بمنصب رئيس الجمهورية العربية السورية، بمشهد انتخابي ديمقراطي، جعل الكثير من الدول تعيد النظر بطريقة تعاملها مع هذا الرجل الذي وقف ويقف شعبه معه وحوله، كما يقف الأهل مع ابنهم عندما يخوض في شأن شاق.
لم تترك الشاشات المعهودة: “الجزيرة– العربية– إلخ”، محللاً وخبيراً استراتيجياً، وعسكرياً، وسياسياً، وحتى في شؤون المطبخ “عوني بشارة مثلاً”، إلا واستشاط غضباً مسبق الدفع، في استوديوهاتها مسمومة الدم، إلا أن السوريين، كعادتهم، لم يزدهم وجود هؤلاء المتقرشين، إلا يقيناً بكونهم يقفون في الجانب الذي يريدون، حتى لو كانت حياتهم هي الثمن، هكذا هو الشعب السوري، أناس يعيشون بكرامتهم ولأجلها، ولكن لماذا فاز الدكتور بشار الأسد، وبنسبة جماهيرية عالية، “أعجبت هذه النسبة الحقيقية السيد أوباما أم لم تعجبه”.
كنت قد قلت في مقال سابق: إن علاقة السوريين بمقام الرئاسة، محكومة بشأن عاطفي بحت بالمقام الأول، وعندما نقول عاطفي، فنحن نتحدث هنا عن مجموعة من المشاعر التي تتعاشق مع بعضها البعض، لتنتج حالة عاطفية تجمع بين الناس.
في الحقيقة الضخ الإعلامي الممتد منذ بدء الأزمة السورية، والذي صب جل اهتمامه على تشويه صورة “الأسد”، كان كفيلاً بأن يشوه صورة الأم تيريزا، رمز السلام والمحبة عند العالم أجمع، إلا أن الصورة، والحالة التي رسّخها هذا الرئيس الشاب في أذهان محبيه، هي الصورة الأنقى والأمضى، صورة أهم ما يميزها أنها صادقة، السوريون ببساطة يصدقون هذا الرجل، يشعرون بالأمان عندما يتحدث إليهم.. ولكن هل هذه الصورة عفوية أم مصطنعة؟!.
بالعودة إلى الإطلالات الإعلامية، والشخصية الرسمية، وغير الرسمية، التي كان من خلالها “أبو حافظ”، يلتقي بالسوريين، سنلاحظ أمراً غاية في الأهمية: هذا القائد الذي تعمل أعتى أجهزة الاستخبارات العالمية على النيل منه، لا يقبل إلا أن يكون بين الناس “منهم وفيهم”، في الميدان بين الجنود، في الشارع بين الناس، في المطعم، في الحديقة، في السينما، في المسرح، في مناسبات وطنية ودونها، إنه دائم التواجد بين مريديه ومحبيه، لذا فما من بيت سوري، إلا ويرى في الرئيس بشار الأسد ابناً أو أخاً أو صديقاً، ومنهم من يجده الأخ الكبير القاسي، كما ينبغي بالأخ الكبير أن يكون، عندما يعمل الإخوة الأصغر سناً ما يسيء للبيت كله، لا لشخص الأخ فقط.
السوريون ببساطة يدركون أنهم يحبون هذا الرجل، هكذا بأسباب منطقية ودونها، كما قلت.. إنها العاطفة.
تمام علي بركات