محليات

بين قوسين أسماء مفضوحة!

يبدو أن زمن التلويح والتهديد بتطبيق النصوص القانونية الأشد والأكثر وجعاً وإيلاماً مضى إلى غير رجعة، أمام تعاظم حالة الطمع بلباقة و”أكابرية” الدولة في تعاطيها مع الفعاليات والمؤسسات، وحتى بعض الأفراد جراء أرشيف المرونة والليونة التي طالما أبدتها ومازالت الوزارات والمؤسسات بحق المتعاملين والزبائن، وتحديداً منهم غير الملتزمين والمتهرّبين من تنفيذ التشريعات وتقديم مالهم والتصدي لما هو عليهم.
سنوات من الفرص والمهل التي قدّمتها المؤسسة العربية للإعلان كغيرها من الجهات، حيث كانت الجملة الأخيرة في أي خطاب أو إعلان أو رسالة أو مذكرة وكتاب موجّه عبر البريد الرسمي أو عبر وسائل الإعلام، هي رفع سبابة “اتخاذ العقوبات القانونية الأشد”، وفي حالات بدأنا نشهدها مؤخراً استخدام سلاح “الفضيحة عبر وسائل الإعلام”، أي نشر أسماء المقصّرين أو المتهرّبين أو المخالفين لتمرّ الأيام ويبقى السائد أو العرف هو كلام بكلام كما يظن البعض، ليأتي اليوم الذي بتنا نتابع وقائع نشر الأسماء عبر وسائل الإعلام وإن بحياء وخجل أي من دون ضجيج غير مسبوق؟!.
مؤسسة الإعلان أقصت كل الاعتبارات وقفزت فوق التقاليد التي تسير على نهج المراعاة واللين، لتقوم بنشر أسماء جهات وأسماء شخصيات تترتب عليهم ذمم مالية للمؤسسة مطلوب تسديدها أو إعادة جدولتها، مع الإبقاء على حق استخدام إجراءات قانونية أكثر وأقسى من التشهير، في إشارة ضمنية إلى إمكانية تطبيق الحجز الاحتياطي وربما في حالات متطورة البيع بالمزاد العلني لأملاك ضماناً لحقوق الخزينة والأموال العامة.
حسب مضمون التبليغ الذي سبقت مؤسسة الإعلان إليه التأمينات الاجتماعية وغيرها، تمّ اعتبار الإعلان بمثابة تبليغ وإنذار أخير قائم على العامل المعنوي الذي يلعب على العنصر الاجتماعي والنفسي الذي يحرج صاحب الفعالية أو المستثمر، وبالتالي التأثير على الجماهيرية والسمعة والحضور في السوق واستقطاب المستهلكين أو الزبائن، وهنا في ملف المطبوعات ووسائل الإعلام التي تتعامل بالرسالة وعدد القراء والمتابعين ثمّة حساسية يعرفها العاملون في هذه المهنة جيداً، ألا وهي الرصيد المهم من الجمهور الذي تكترث وسائل الإعلام كثيراً لاستقطابه وعدم التفريط به ولو كلفت المسألة الملايين، طبعاً إذا اعتبرنا أن أصحاب التراخيص ذوو رسالة ومشروع وليسوا متاجرين أو مبازرين وقاصدي ربح فقط لا غير..
اليوم أنهت العربية للإعلان ردحاً من الوقت ومساحة التذكير التي كانت تحجزها في صدر الصحف المحلية والفضائيات الوطنية بواجب التسديد والإيفاء بالالتزامات، لتستبدلها بالتبليغ المباشر والشخصي لأسماء ليست من الصف الثاني أو الثالث بل تعدّ شخصيات وأصحاب تراخيص كانت تعتبر في الصدارة والحظوة والمكانة “الحكومية و الإعلامية” كمستثمرين إعلاميين مرموقين يحسب لهم حساب في الموازين الصحفية وبين أبناء الكار بحكم ارتباطاتهم أو محسوبياتهم، والنتيجة كما هو واضح من تبليغ العربية للإعلان، متهربون ومتملصون ومتخلفون عن سداد الديون، وبالعرف العام مختلسو مال عام ليس من حقهم الاحتفاظ به وعدم تسديده تحت ذرائع مجهولة وغير معروفة وأحياناً كثيرة معروفة جيداً، ولكن لم يكن ولن يكون من اللباقة الإفصاح عنها.. يكفي أن الجميع يعرفها دون كلام مباشر لأنها من بديهيات الأوساط وأبناء المهن والأعمال؟!!

علي بلال قاسم