محليات

بين قوسين “شباب خمس نجوم!”

انشغلت الكثير من الجهات الشبابية في رصد الواقع الشبابي وتفكيك مفردات وتفاصيل حياة هذه الفئة العمرية التي فصفصت همومها ومشكلاتها في آلاف المحاضرات والندوات والمؤتمرات التي كان مؤتمروها يطلقون العنان لكلماتهم، ويرسمون بأفكارهم المثالية والأفلاطونية مستقبلاً شبابياً تفاؤلياً ويتبنون الرعاية والمساعدة، ويحشدون الرأي العام لصالح كسر القيود التي تعيق مسيرة الشباب وتحدّ من دورهم البنّاء في التنمية، ثم تأتي تلك القرارات التي كانت تقدم المسكن الشبابي وفرصة العمل ورقياً لتقضم بفقرها ما تبقى من معنويات شبابنا الذين حصدوا السراب وخيبات الأمل من بيادر الحكومات المتعاقبة، وتذوقوا علقم تجيير مطالبهم من عام إلى آخر تحت قبة المؤسسات التشريعية والتنفيذية، فخلال السنوات الماضية نكّه أصحاب القرار خطاباتهم بشعارات شبابية ونصبوا المصائد والأفخاخ في وجه الآمال والأحلام التي حاولوا ترويضها وكبح طموحاتها، بل يمكن القول إنهم سجنوها في أقفاص وعودهم الخلبية وخنقوا روح الشباب بخطط وقرارات تفوح منها رائحة الكهولة والعجز!!.
وبحضور مشهدين متناقضين للشباب على ساحة الأزمة، لا يمكننا في أي منهما إغفال أو إنكار المشاركة الفاعلة للشباب في إشعال فتيل الأزمة في بلدنا واستقطابهم وجرّهم ليكونوا أدوات طيّعة للتخريب والتدمير من جهة، وفي المشهد الثاني نقف أمام حالة من التصدي أو الرفض لما يجري على الأرض والوقوف في وجه المؤامرة والتمسّك بالدولة ومقاومة مشروع إسقاطها تحت عناوين مختلفة.. نجد أن سيناريو الوعود مازال حاضراً في حياة شبابنا الذين يضعون نصب أعينهم الهجرة ومغادرة البلد، وهذا ينطبق على سنوات ما قبل الأزمة أيضاً، بحثاً عن مستقبلهم المكتوم والمطعون بمنغصات لا تُعدّ ولا تُحصى.
وكوننا مطالبين بالصراحة أكثر من أي وقت مضى، وخاصة في هذه المرحلة، فإن هذا يحمّلنا المسؤولية ويفرض علينا القول إن المنظمات الشبابية الموجودة في حياة الشباب أتقنت لعبة دومينو البهرجة الاستعراضية، وأبدعت في تبسيط حضورهم ومشاركتهم في الحياة العامة، فواقعهم الكارثي وما أفرزته الأزمة من حقائق، يُثبت واقعية الفجوة بين الشباب ومجتمعهم واستمرارية أسبابها، ويبيّن انحراف توجهاتهم وجنوحها نحو الفكر الهدام الذي أزاح مفهوم الحصانة العقائدية من قاموس الإنجازات، بل ويؤكد صورية الخطط التي لم يلعق عسلها إلا القلة من شباب الخمس نجوم.
ومع استمرار سياسة إدارة الظهر للشباب وإصرار الجهات المعنية على تجميل واقعهم وحقن تشوهات دورهم المغيّب ببوتكس الدعم المفقود.. آن الأوان ليأخذ الشباب والمقصود هنا أولئك الذين يمثلون العنصر التنموي ويمتلكون قدرات حقيقية على العطاء والعمل في سورية المتجددة، وإقصاء من ساهمت أو تساهم المنشطات المختلفة في تسويقه وإدخاله إلى لعبة الكراسي أو حجز تأشيرة دخوله إلى مفاصل العمل من دون وجه حق.

بشير فرزان