ثقافة

“أحب سورية” لغــــــة يفهمهـــــا الجميـــــع

لم يكن صعباً الوصول إليها، يكفي أن تغمض عينيك ليرشدك الحنين إلى أزقتها القديمة وبيوتها العتيقة، ويحملك عبير الجوري وأريج الياسمين الدمشقي إلى قلب العروبة، جاؤوا ليقولوا كلمة وحدت قلوبهم ومصائرهم، أتوا لينثروا فيض مشاعرهم على أروقة الحارات الدمشقية العتيقة، ليلتقي الماضي بالحاضر، شكل الحضور لوحة فسيفسائية رائعة، فعلى نغمة الناي الشجي غنى المطرب الكردي شكري سوباري برفقة البزق أروع الأغاني والألحان، والمغترب ايليا حمله حب الوطن والشوق إليه للقدوم إلى دمشق من طرطوس، ليقول بمحبوبته الشام التي فرقه الزمن عنها مدة 25 عاماً أجمل قصائده، هم سوريون بامتياز ألّفت بين قلوبهم كلمة الحب لسورية، جاؤوا ليقولوا “نحبك سورية” بشعرهم ونثرهم وعزفهم وغنائهم كباراً وصغاراً .

لمة أصحاب
لم يكن منتدى أدبياً أو فعالية ثقافية، بل كانت لمة أهل وأحباب، هناك في “دار شعر” المنتدى الأسبوعي الذي تنظمه الصحفية مليكه المحمد شكُلت لوحة من محبي الشعر والموسيقى والغناء من كل الأعمار.
افتتحت المنتدى الصحفية والشاعرة مليكه المحمد بفقرة “أحب سورية”  باللغتين العربية والانكليزية لتدعو كل السوريين والعالم أجمع لتقديس ترابها والاعتزاز بالانتماء إلى هذا الوطن الذي تربينا في أحضانه وتعلمنا منه معاني الحب والعطاء وندين بالوفاء له إلى يوم القيامة، تلاها عزف منفرد على الناي والعود للموسيقار إبراهيم الشيخ عمر الذي تربى على حب الموسيقى ودرسها ودرّسها لمدة 35 عاماً، وقدم ألحاناً وطنية وتربوية، مثل نشيد التراب المقدس من ألحانه وكلماته واسكتش “أرض المطار”.

صلة وصل
كما قدم الشاعر إلياس بيطار فقرة أجمل ما قيل في الشعر العربي، وهي صلة وصل ما بين الشعر العربي القديم الأصيل والشعر الحديث وتعريف الأجيال الشابة بهذا التراث الأدبي العريق، ويتضمن المنتدى فقرات مهمة منها معالم سياحية في سورية يقدمها الأستاذ محمود عابورة، وفقرة طرائف دمشقية التي تقدمها المحامية هالة القدة التي تسافر بالمتلقي في عالم جميل لتسرد حكايات دمشق القديمة التي ترتبط بالمكان وتعرّف جيل الشباب على مكنونات هذا التراث العريق.
خالدة في الذاكرة
وفي كل أسبوع يتم تسليط الضوء على علم من أعلام الأدب العربي أو الغربي، والغوص في تفاصيل سيرته الأدبية وأشهر أعماله وإنتاجه الخالد، تقدمها الأديبة ثريا يعقوبي بطريقة جمالية وكمالية في الصياغة والإلقاء فيأسر الاستمتاع والانسجام الحضور، كما يعمل المنتدى على تشجيع وإبراز المواهب الشابة في مختلف مجالات الفنون وفي الإلقاء والشعر، فهناك دعوة مفتوحة للشعراء الشباب  لتقديم  باكورة أعمالهم ومواهبهم على الحضور، لتكون انطلاقة قوية وتشجيعهم على الاستمرار والتميز، ولا يقتصر الأمر على الشعر فقط، بل والأنواع الموسيقية مثل موسيقى الراب بأغانٍ عربية وموسيقى البيت بوكس.

أمي يا ملاكي
فقرة حاكورة الحبق تغني المنتدى وتضيف لمسة من الوفاء والعرفان بالجميل للأم السورية وفضائلها على أبنائها في تربيتهم وتنشئتهم كشعراء وكتاب يثرون مجتمعاتهم  بنتاج أدبي جميل، تقدمها مجموعة من الشباب والصبايا المثقفين، مثلها كمثل فقرات عديدة يتناوب في تقديمها رواد المنتدى الشباب كفقرة كاتب مغيب، تفرد له مساحة من الوقت لاستذكار أدباء وشعراء غابوا عنا بأجسادهم وبقي إنتاجهم شاهداً على إبداعاتهم وأرواحهم تحلق في سماء سورية وعلى صفحات التاريخ المشرق، وهؤلاء الشباب ترعاهم أياد حُق لها التوجيه والإرشاد، لتنشئة جيل يعشق اللغة العربية ويجيد الصياغة وحسن اللفظ أمام الأمم، فقد قالت العرب “تكلم حتى تُعرف فإن المرء مخبوء تحت لسانه”.

سحر الحروف
وقدمت الشاعرة جوينة أباظة فقرة إيقاع الحرف ولغة الصور، لتبين تأثير ووقع الحروف في نفوسنا وجمالية الصور المستخدمة في الشعر العربي القديم من خلال نص مختار، وقدرة الصور على نقلنا إلى عالم الحقيقة، وقد برع الشعراء العرب في هذا المجال.  ويحلو جو المنتدى بالموشحات الأندلسية والأغاني التراثية بما فيها القدود الحلبية للحفاظ على الفلكلور الشعبي، فنضيع في جو من السحر والإبداع والألحان البديعة.
إن المشاركة والحضور الكثيف في المنتدى الأسبوعي ما هو إلا تأكيد على أن سورية مازالت بخير، وشبابها مازالوا يحبون ويكتبون الشعر ويمتلكون الفسحة لصفاء النفس وحب الوطن، رغم كل ما تتعرض له سورية، وبرهان دامغ على الألفة التي تجمع أبناءها على قلب واحد وكلمة واحدة “أحبك سورية”.
فاتن شنان