محليات

بين قوسين العقم الرقابي!

رسب أصحاب الأقلام الخضراء في امتحان تحسين الواقع المعيشي بعلاماته ومؤشراته الحياتية الضعيفة، وهذا الكلام لا يندرج في خانة التجني أو الاتهام الكيدي بل هو مرآة لحقائق موجودة ومثبتة بالبراهين والأدلة، وأبرزها الدوران الدائم حول فكرة رفع الدعم وعدم القدرة على حماية الخطوط الحمراء التي تلاشى حضورها وتبخّرت فاعليتها أمام تسونامي الغلاء الذي طوق لقمة عيش المواطن وأغرق مرتكزاتها في مستنقع الأزمة بإرهابها البشع وفسادها المتنامي في حضرة العقم الحكومي.
هذا الرسوب ترافق مع ازدياد حالات الغش والتلاعب بالأسعار التي نحرت الحياة المعيشية في أسواق الفلتان والجموح السعري، ومن منظور الواقع وإسقاطاته على حياة الناس المتصدعة يسأل الجميع: لماذا ترتجف القلوب وتحتار العقول بعد أي اجتماع أو إعلان حكومي ينبئ بالسيطرة على الأسواق؟! وما هي فعالية أو نسبة نجاح تلك المحاولات الحكومية المتسابقة في مضمار الضبط والتحكم بالمؤشرات السعرية المتصاعدة وتجاوز المحنة، بدءاً من الجيوب الخاوية الجائعة لكسرات الخبز، وصولاً إلى يوميات محاصرة بالإرهاب والعوز والقلة وبالمزيد من القرارات التي تبتلع بموجات غلائها قوة حضورها وفعالية وجودها على أرض الواقع؟.
ومع استسلام المواطن للابتزاز الممنهج والمحمي تحت عنوان الأزمة، تتجدّد المواجهات اليومية بينه وبين حقيقة فشل جميع الإجراءات المتخذة لإيقاف النزيف الدائم للجيوب، فالأسعار تواصل تصاعدها وتحليقها دون أن يكون هناك حدّ معيّن خاصة مع اقتراب شهر رمضان الفضيل الذي سيكون من أصعب الامتحانات التي سيواجهها صبر المواطن بليراته المتواضعة  والتي لا تكاد تكفيه لأيام معدودة، وفي مقابل هذا الواقع المعيشي نجد تكاثر أولئك المساهمين في منظومة قهر الناس من خلال أدائهم الضعيف وقراراتهم الهزيلة وانشطار من يتلذذ بقضم الحصص التشاركية الربحية!.
وبحضور مئات الآلاف من الباحثين عن وصفة سحرية قادرة على منحهم أكسير الحياة الكريمة، وإنقاذهم وانتشال صبرهم من هاوية المحنة التي تتشعب انتكاساتها بوجود من يؤمن ويقتنع أنه بالإمكان استخلاص الحلول وتقديمها من باب الوعود بالتدخل الإيجابي أو بمجرد التنظير والاعتراف بصعوبة الواقع، وتعذر السيطرة على الأسواق التي اشتاقت للمحاسبة والمساءلة.. والغريب أن المواطن لم يخرج إلى الآن من ساحة المواجهة المباشرة مع العقم الرقابي واللهاث وراء الحلول التي تغور في فاجعات القرارات المتنوعة التي يجب إزاحة غمامة همومها عن يوميات المواطن.. فهل سيطول انتظار الناس للفرج من بوابة الجهات الرقابية والأخرى القارعة لطبول المحاسبة أم سيأتي الرد العملي في القادمات من الأيام؟!.
بشير فرزان