ثقافة

انتفاضة الأدباء العرب في المراكز الثقافية لأجل سورية وفلسطين

ضمن فعاليات أيام الثقافة الفلسطينية, أقام المركزالثقافي العربي في كفرسوسة أمسية أدبية للأدباء أيمن الحسن وسوزان الصعبي ونصر محسن، قدموا من خلالها قصصهم تحت شعار “سورية تنهض، فلسطين تقاوم”، شعارالمهرجان الذي أقامه فرع اتحاد الكتّاب الفلسطينيين على مدى أسبوع في مركزين ثقافيين كان أولهما مركز العدوي الذي استضاف نخبة من الأدباء السوريين والفلسطينيين كان منهم الأدباء: باسم عبدو، ديمه داوودي، عدنان كنفاني، محمود حامد، سوزان إبراهيم، كمال سحيم، كما تضمن ندوة نقدية تحت شعار “من الجولان” في رواية (أبعد من نهار، دفاتر الزفتية) للروائي أيمن الحسن، شارك فيها: د. عاطف بطرس، أحمد هلال، كما شارك الشعراء: صالح هواري، هيام منور، د. نزار بني المرجة في المركز الثقافي العربي في كفرسوسة أيضاً.
وقد تناول الأدباء في أمسية ثقافي كفر سوسة قصصاً مبنية على التصور والأمل رغم كل ما تحمله بين سطورها من وجع، حيث قدم القاص أيمن الحسن قصة بعنوان “ريح بقميص أخضر”  تناول فيها فكرة غير مطروقة من قبل وهي المرأة العسكرية العاشقة للوطن بالدرجة الأولى والإنسانة بالدرجة الثانية، فسلوى بطلة قصته، عاشقة من نوع آخر، حيث كانت القصة مليئة بالتعابير الشعرية والصور المشهدية لتكمل حالة الحب بين البطل مغيب الاسم وسلوى التي تختتم القصة بقولها له (أحبك كلما ضممت سلاحي إلى صدري)، ماجعل الختام مفاجئاً بعد ماجاء من مخزون العشق المترف في القصة التي اتبع “الحسن” فيها أسلوباً مغايراً حتى في طريقة الكتابة وما يسميه النقاد اللعب على بياض الورق، فبعض الجمل والكتابات تقرأ من الأسفل وحتى الأعلى كقوله: (1. وعاود الحب،2. انهض،3. إذا وقعت)، وهذا ما جعل مسرحة القصة تضيف سمة جديدة تجعل من النص محاكاة روحية وعقلية معاً.
أما الناقد أحمد علي هلال فقد وجد في قصة “ريح بقميص أخضر” مشروع رواية قد يكون قادماً، فماهية الحب غير المستهلك توزع نفسها في الفضاء الإحيائي والحياتي، إذ يناقض أفعال الموت، لوضوح البنية الشعرية المضادة للنسيان والتي جعلت من اللغة بطلة إضافية في القصة ذات رؤية باذخة، عكر صفوها بعض صراحة القول في بعض المقاطع التي أرهقت النص، كما لفت الكاتب إلى أن القصة ما زالت قيد التغيير.
فيما غايرت قصة “أعود قارورة” للقاصة سوزان الصعبي، إذ قدمت قصة مختصرة كعادتها لاينقصها البوح وفضفضة الأنا، ليسيطر ضمير المتكلم على النص، ويترك للمفاجأة حسن الختام الأنيق الموجع، إذ تحكي قصة أرض ترجو من الله ألا يرسل لها فجراً ذا زعيق كسابقه (فتبكي وتدعوه أن يحب هذي الأرض وألا يكون حبه بشكل اختبار يريق دماها)، وكانت كلمات القصة تعزف على أوتار القلب والواقع المعاش كقولها: (لن نخرج من هنا إلا إلى قبورنا، جثة جدتي ملفوفة بالعلم، سقط دمع إثر دمع) وجميعها جاءت لتعزز عبارة الختام المفتوحة إذ قالت (الخوف يركض).
(قاموس جديد بطولته الفكرة) هذا ما وجده الناقد “هلال” في قصة  الصعبي. وأضاف: هناك التقاط بارع للجمل الشعرية الجدية على مفردات القاصة، إذ تمكنت من توظيف العبارات في النسيج الحكائي للنص لتقول ما أرادت بعين مبصرة متمكنة، والشعرية التي في العنوان تحمل عدة معان قد يفاجئنا أن تغرق بعدها في الأنا لتختلط أنا الراوي بأنا القاصة، وهذا مايغري الكاتبة رغم اعتبار البعض أنه عثرة يجب تجاوزها.
بدوره القاص نصر محسن قدم نصاً سمّاه بنسيج حكائي تحت عنوان “الحدأة” التي جاءت  لحظات استذكار على لسان الجدة الفلسطينية لتنقل لنا واقعاً معاشاً بتفاصيله، فأم المعالي في القصة تملّ تاريخاً بحد ذاته، وقد تبدو هي نسغ الذاكرة في أرض فلسطين المقاومة، وبالرغم من وجعها تأبى أن تنكسر وتخاف على أبناء الحيّ وتقدم لهم السكاكر لتطحنها أسنانهم القاسية وتناديهم كيلا يبتعدوا، ويبدع الكاتب في وصف عينيها، إذ يقول: (لم تكن عيناها رماديتين وهي تحكي، كانتا تضيئان الحقول ليلاً أمام مخالب الحدأة) ويقول بلسانها: (الحدأة يا أولادي ترى في الليل كما نرى نحن في النهار). وأم المعالي التي تسرد القصص وتحمل الذاكرة للأطفال تتحول قصصها وسكاكرها إرثاً للأبناء، مخابزَ ولافتات فوق العيادات والمكاتب والطاولات، لأنه لا بد ستنتصر فلسطين المختزنة أمهات المعالي وعطاء كعطائها.
وهذا ما أكده الناقد “هلال” على أن الحدأة هي العدو، الذي جاء على لسان أم المعالي ليجعل القصة مكتملة المقومات، بطلتها الذاكرة المستمدة من الواقع والحلم معاً، وهذا ماجعل الحكاية تبدو مرئية معاشة فاعلة تنبض بالواقع الفلسطيني والمكان والزمان.

ديمه داوودي