محليات

بين قوسين رسائل للمشككين

تحاول الحكومة “مسك العصا من المنتصف” في تحدي الأخذ بيد اقتصاد البلد والانتقال به من التأزم والتأرجح والهبوط نحو اتجاه يستهدف إعادة عجلة التنمية إلى الدوران ودينامو النشاطات والفعاليات إلى الإنتاج، وهنا كان المربط الذي تجتهد عليه أغلب الوزارات التي تبنّت سياسة الجذب والاستقطاب المرن الذي لا مكان فيه للتطفيش وفرض سياسة “العين الحمراء” التي لم تجلب الفائدة في يوم من الأيام، فكيف الحال ونحن بأمس الحاجة لزرع الثقة بين أجهزة الدولة والفعاليات والأفراد، ولاسيما بعض الخائفين والمشككين وتحديداً الوطنيين منهم الذين بقيت أياديهم نظيفة وغير ملوثة بقذارة المشاركة أو بتمويل الإرهاب، وأولئك المترددين لا ينفع معهم إلا مزيد من الضمانات والتخفيف من حدة التلويح بالعقاب والثبور كما يعرف الجميع.
هو رصيد من الرسائل والتصريحات والنوايا الحسنة التي تتجدّد مع كل طلعة شمس، ومفادها أن كل من غادر البلد في لحظة ما تحت أي ظرف يمكنه العودة بأمان، فالأبواب ليست مغلقة بوجه أبناء الوطن المنتجين والفاعلين شرط ألا يكونوا مرتكبين ومجرمين ومخربين، بيدهم أو لسانهم أو مالهم؟!.
ففي الصناعة كان لأجواء الحوارات والمباحثات مع كثير من الأطراف صدى في دبّ الراحة وزرع السكينة عند المتوجسين، والمتأبطين بالخوف عذراً غير مقبول في أدبيات التعاطي الرسمي الذي طالما أبداه صاحب القرار في كل مرحله ولاسيما الأخيرة التي بدا فيها الحرص واضحاً لاشك فيه بأن إعادة احتضان الرأسمالية الوطنية المهاجرة جراء الأحداث وما قبلها هو نهج لا تردّد فيه والقافلة تسير في هذا الاتجاه، وفي الخدمات المصرفية والمالية والتأمينية ثمّة براهين ودلائل إثبات أن الحكومة جادة في إبقاء البوابات مشرعة للقادمين من جديد للبلد المتجدّد، وكذلك حال التجارة وجملة مخالفيها ومتأرجحيها ومتمرديها البالغة نسبتهم 60% والذين تسعى وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك لتطويع معدنهم بما يخدم أعمالهم ويساهم في الأسواق الداخلية، ويجعل المستهلك هدفاً رحيماً لا فخاً ومصائد للربح الفاحش والجودة غير الموجودة.
في المنحى نفسه هناك ما يشبه خلايا العمل وحواضن الاستيعاب التي تترصد عملية إعادة الروح والحياة للمشاريع الإنشائية والعمرانية التي توقفت أو تعرّضت للعرقلة أو التجميد مع الأزمة التي أحدثتها قضية فروقات الأسعار، وعدم قدرة الموازنات على صرف المبالغ المستحقة بالتسعيرة الجديدة التي سبّبها “الصرف الجديد للدولار”، والمشاورات على قدم وساق لترتيب الأوراق المتعلقة بهذا الملف.
وعلى صعيد المشاريع المتعاقدة مع جهات الدولة، تدور الدوائر حول عودة المشاريع والمتعهدين والمقاولين وأصحاب الرساميل الوطنية، بالتوازي مع محاولات جهيدة للحفاظ على ما تبقى من كفاءات وعقول وكوادر فنية وعلمية متخصّصة هاجرت تحت إغراءات خلبية.
ولأن هكذا خطوات ليست بالسهلة، وهي لا تأتي بقرار رسمي أو بمرسوم أو قانون بل ثمّة حاجة لوقت يشهد عمليات ترميم وردم فجوات نفسية وإصلاحية وإجرائية، يتوقع الكثيرون أن تؤتي ثمارها بشكل أكبر مما هي عليه الآن في القريب العاجل.

علي بلال قاسم