اقتصاد

نقطة ساخنة قطاع يتعاطى الهرمونات

ابتليت جميع القطاعات الاقتصادية وغيرها في سورية منذ بدء الأزمة حتى الآن بأمراض طارئة، جعلت من توازنها “مختلاً” بعد أن أضيفت إلى الأمراض المزمنة التي كانت سبباً قوياً ومثبّطاً فعلياً لمناعة القطاعات المختلفة.
ولا يمكن وصف حركة أي قطاع خلال سنوات الأزمة إلا بالمتعثرة باستثناء واحد منها هو القطاع العقاري الذي نشط بشكل مخيف، وتضخّمت أذرعه بعد أن تمّ حقنه “بهرمونات” نموّ من المضاربين والمزوّرين وتجار الأزمات، أما المادة الأساسية لتلك المنشطات التي وقعت في يد مضاربين لا تنقصهم الخبرة في حقن الأزمات، فكان مصدرها الثغرات ومكامن الضعف في السياسات التي تحكم آلية عمل القطاع العقاري، ونموّ العشوائيات، وتأخّر معالجة ملف الإسكان والترهّل في المصالح العقارية والفساد غيرها.
جملة هذه الاختناقات المتراكمة كانت سبباً في تصلّب شرايين القطاع العقاري، وفتح الأبواب للمتاجرة بهموم المواطنين، وأوّلها التضخم الهائل في أجور المساكن، وخاصة في مناطق السكن العشوائي، وتدنّي شروط السلامة فيها ونموّ البناء بشكل فطري حتى في المناطق الداخلة في التنظيم مع اختلاف النسب.
أما الحالة التي يندى لها الجبين لجهة “قذارة” شريحة من العاملين في هذا القطاع فهي موضوع تزوير الوكالات، حيث يمكن وضع هؤلاء في مرتبة المنتسبين إلى العصابات الإجرامية، وضمن خانة “مسجّلي خطر” أي إن وجودهم في المجتمع ونشاطهم في البيئة المحيطة خطر مماثل لكن من نوع آخر، وموت بطيء لمن يقع تحت نظرهم، لأن هناك عدداً كبيراً من المواطنين ذهب “جنى عمرهم” أدراج الرياح إن لم يكن بفعل إجرام هؤلاء، بعد أن تم تزوير وكالات عقاراتهم وبيعها من فاسدين لا يتحركون وحدهم خارج الدوائر العقارية وإنما لهم شبكاتهم ضمنها، حتى إن بعض العقارات بيعت أكثر من مرة، أي إن المالك والشاري ضاعا بين تلفيقات المفسدين في غمرة ترهّل الإجراءات التي تحفظ له حقه ودهاليزها.
وللدلالة على حجم خطر هؤلاء ازدادت حالات تزوير الوكالات بشكل كبير في 2014، وفق تصريحات رسمية، إذ تم تسجيل ما يقارب 20 حالة تزوير في سورية يومياً كمعدل وسطي، ووصل عدد حالات تزوير الوكالات في دمشق وريفها في 2013 إلى 300 حالة، وفي حلب إلى 150 حالة، و100 حالة في حمص، وحماة 30 حالة، وهناك عدد من هؤلاء يحاكمون أمام القضاء بمن فيهم الموظفون المشاركون في العملية.
قد تكون العقوبات الجزائية لهؤلاء “المفسدين في الأرض” قصاصاً عادلاً وفق كل حالة، لكن أي عقوبة تقتصّ من حجم إفسادهم في المجتمع.
سامية يوسف