محليات

حمراء و……. طويلة

ميزة خاصة تتمتّع بها “الحمراء الطويلة” دون غيرها من أنواع الدخان الأخرى، حيث إن علبة تبغ الحمراء الطويلة، ينتقيها مدخّنها وكأنه ينتقي خضاراً أو فاكهة، يمسكها ويبدأ بجسّها بأصابعه، ليعرف إن كانت السجائر بداخلها طرية، أم قاسية.
هذه الحالة في التعامل مع هذه السلعة المحلية، كانت موجودة قبل أن يصبح سعر الباكيت الواحد “115” ل.س، وما زالت مستمرة.
بعد أن بدأت الأزمة صارت الحمراء الطويلة، من السلع المغضوب على مستهلكيها الضالين، حيث كان سعرها “30 ” ليرة، ثم قفز بشكل جنوني ليصل إلى ما وصل إليه، وبمعايير الجودة السيئة التي كانت عليها، بل أسوأ.
هناك من هجرها بعد أن وجد ضالّته في المهرب بأنواعه الغريبة والكثيرة والمجهولة تماماً، ذلك أنه وجد أن سعرها أفضل من الحمراء وبالتأكيد لن تكون أسوأ حالاً منها، بدءاً من التغليف حتى التبغ المستعمل، رغم أن التبغ السوري من أجود أنواع التبوغ في العالم، وهو يهرب إلى تركيا ويباع بأسعار عالية، في الوقت الذي تشتريه الدولة من المزارعين بسعر بخس جداً، الأمر الذي يدفعك إلى التساؤل: لماذا ارتفع سعر هذه المادة ما دامت اليد العاملة التي تزرعها رخيصة جداً، واليد العاملة التي تحوّلها إلى علب سجائر “أرخص”؟ المحروقات التي ارتفعت أسعارها؟ حسناً ماذا عن الجودة؟.
هذا السؤال أطرحه بشكل جدّي على المعنيين بالصناعة الوطنية، الحمراء الطويلة وغيرها من التبغ المصنّع في سورية، هو صناعة وطنية بالمقام الأول، والتطوير هنا يساعد في زيادة الدخل القومي، وإعطاء الفلاحين الذين هجروا زراعته، حافزاً مادياً يتناسب مع السعر العالي نسبياً “للحمراء الطويلة” سيجعلهم يعودون إلى زراعة محاصيل جيدة منه، ما يعني عودة لا بأس بها لليد العاملة في الزراعة إلى الحقول.
من المستغرب فعلاً الحالة المزرية التي تسِم هذا المنتج، إذ من غير المعقول أن تبقى حتى طريقة تغليفها سيئة لهذه الدرجة، ومن غير المعقول أيضاً أن تجد في داخل معظم السجائر الفاخرة الطول، أعواداً خشبية ونشارة خشب.
كما قلت هذه صناعة وطنية تعود بدخل جيد على خزينة الدولة، نسبة إلى العدد الكبير لمستهلكيها، لذا فإن هجرتهم لها وذهابهم نحو أنواع تبغ أخرى، هي بالأساس دخلت البلد بصورة غير شرعية، تعني مستهلكين أقل ودخلاً أقل ومزارعين أقل ومساحات مزروعة أقل.
سؤال برسم المعنيين بهذا الشأن: ما هي العوائق التي تحول دون تطويركم منتجاً وطنياً شكلاً ومضموناً؟ ليس من حقكم أبداً الاستهتار بهذه الصناعة الوطنية، التي كانت توضع كنوع من الفخر بالصناعة الوطنية، على الطاولة .
أما إن كان تطوير هذه الصناعة وجعلها مرغوبة من السوريين أنفسهم، أمراً صعباً للغاية ، فعلى الأقل ضعوا لمنتجكم سعراً معقولاً، وليس سعراً ينافس أهم شركات التبغ في العالم المعروفة بجودة صناعتها والمطروحة في الأسواق وكأنها قوت الشعوب.

تمام علي بركات