محليات

بين قوسين تدهور الموارد المائية

مع اشتداد حالة الجفاف التي تمرّ بها البلاد، والتي لم تشهد لها مثيلاً منذ سنوات طويلة، لابد أن تعمل الجهات الحكومية، والأهلية، والأفراد على تفعيل ثقافة ترشيد استهلاك المياه واستعمالاتها، وتوسيع دائرة الوعي بأهمية الحدّ من الاستنزاف الجائر للموارد المائية التي دخلت هذا العام دائرة الخطر الحقيقي نتيجة الشح الكبير في المياه المتجدّدة، وقلّة الهاطل المطري إلى أدنى حد من المعدل السنوي العام في كافة المناطق.
إذاً.. نحن، وفي ظل هذه الظروف المناخية القاسية، والحارة، أمام واقع متدهور للموارد المائية، واختلال كبير بين الموارد المتاحة، وحجم الاحتياجات المطلوبة، الأمر الذي يضع مسألة ترشيد استهلاك المياه، والتوجه نحو الاستخدام الأمثل لها، والحفاظ عليها في سلم الأولويات، وصولاً إلى توفير الحد المطلوب من التوازن المائي، وتجاوز كل ما من شأنه التأثير سلباً في الموارد المائية، وذلك وفق إستراتيجية تنظيم لمجمل الاستخدامات، وخاصة في المجال الزراعي، حيث تصل نسبة المياه المستخدمة في ري المحاصيل إلى 89٪ من إجمالي المياه المستهلكة في سورية، الأمر الذي يحتّم الاستمرار في تنفيذ البرنامج الوطني للري الحديث، والذي يوفر ما نسبته أكثر من 50٪ من نسبة الاستنزاف من المياه.
كما تقتضي الظروف الحالية ضرورة الوصول إلى تبني، ودعم الأطر التشريعية والمؤسسية، بما يضمن تطوير القدرات البشرية، والإدارة المتكاملة للموارد المائية بغية تنظيم مجمل الاستخدامات، والاستفادة من كل قطرة ماء، وفق أسس واضحة من التعامل الشفاف والتشاركية، والتوعية بين جميع القطاعات، والفعاليات الرسمية والأهلية، ووضع هدف ترشيد استخدام المياه، والحفاظ عليها، وضبط استنزافها نصب أعين الجميع، والإسراع في اتخاذ الإجراءات التي من شأنها جسر الهوة الكبيرة بين ما هو متوفر، واحتياجات تتزايد يوماً بعد آخر.
ولأن المسألة مصيرية، وتعني الجميع، فإن الكل مدعو لبذل الجهود حسب الإمكانيات لمنع حصول أي عجز مائي لا تنفع معه أية محاولات إنقاذ، خاصة وأن سورية تعاني بالأساس من تدهور كبير في مناسيب ونوعية المياه الجوفية.
ولابد في هذا المجال أن يضع كل منا قضية الحفاظ على كل قطرة ماء هدفاً حياتياً يومياً، لأن ما ينتظرنا في هذا الصيف الحار، إن لم نحسن التعامل مع هذه الموارد بالشكل المطلوب، هو بحث مضن عن قطرة الماء التي لم تزل تبحث عن إجراءات، وقرارات توفر لها الاستخدام الأمثل، والحماية الحقيقية لكافة مصادرها.

محمد الآغا