اقتصادتتمات الاولى

المطلوب برامج اقتصادية مرتبطة بسياسة داعمة لصمود المواطن لهيب الأسواق يوجب إعادة النظر بمؤسسات التدخل الإيجابي والتفكير جدياً بإطلاق مؤشر للأسعار

من الأهمية الآن وقبل أي وقت مضى التركيز على عدة قضايا نجد أنه يفترض أن تُشمّل ضمن السياسات الحكومية التدخلية الفاعلة في الأزمة وذلك لناحية توافر السلع في السوق وبأسعار منافسة تكبح جماح التضخم، والتشدّد في مراقبة الأسعار وكشف المحتكرين للمواد ومحاسبتهم وتأمين السلع الضرورية وأهمها الغذائية المدعومة، وبعض المشتقات النفطية والطاقة لتخفيف الطلب عليها وبث الطمأنينة لدى المواطنين.
وقد تكون الخطوة الأولى لهذه السياسة الاقتصادية السيطرة على ارتفاع أسعار السلع الغذائية، حيث تصبح على رأس أولويات الحكومة الجديدة والمطلوب منها العمل على تحسين خطط الإمداد بالمواد الغذائية، بهدف منع تخزينها وبيعها في السوق السوداء، بالإضافة إلى تحسين نظام التوزيع العام، للخروج من عنق زجاجة الأسعار المرتفعة وعدم الاستسلام للاقتصاد المتأرجح، وهذا بدوره يوجب وبإصرار التشجيع على استهلاك السلع المحلية من خلال التركيز على كمية ونوعية المنتجات الزراعية المحلية ومنتجات الصناعات الغذائية، وتشجيع زيادة الاستثمار والإنتاج عبر تقديم تسهيلات تمويلية وإجرائية وتسهيل شراء حصص الأجانب في المشروعات الأجنبية.

أولويات
هناك العديد من الإجراءات يمكن اتخاذها للتصدّي لمشكلة ارتفاع أسعار السلع الغذائية التي كما أشرنا سابقاً تُعَدّ من أهم أولويات أي حكومة خلال الفترة الحالية، وذلك عبر تطوير المجمعات الاستهلاكية، ومنافذ الجملة، بما يضمن تخفيف العبء عن كاهل الأُسَر السورية.
وقد يسأل سائل، كيف يمكن تطوير منظومة التدخل الإيجابي بشكل أفضل مما هي عليه الآن؟ بإمكان وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، تطوير منظومة التجارة الداخلية والتداول من خلال إنشاء مناطق “لوجستية” وأماكن تخزين وتداول وأسواق متنوعة في كل المحافظات والمدن الرئيسية، بما يزيد من كفاءة الإنتاج والاستثمارات في قطاع التجارة الداخلية، ويوفر فرص عمل حقيقية هذا من جانب، ويساهم في خفض الأسعار من جانب آخر وهو الأهم.
بالمقابل، تفعيل التدخل الإيجابي يتطلب من وزارة الزراعة زيادة الإنتاج وتحسين الكفاءة والجودة للتوجّه نحو تحقيق تطوير قطاع إنتاج السلع الغذائية التابع للوزارة بهيئاته وشركاته، حتى يكون ذراعاً قوية، يعيد للدولة قوتها كلاعب أساسي في الأسواق، ويؤثر فيها وفقاً لقواعد السوق، ويعيد لتلك الشركات الزراعية والحيوانية تاريخها كشركات قوية ورابحة، تخدم المواطن وتحفظ أصول الوطن.

نتائج
كما أن الترويج للمنتجات المحلية كشرط لازم وأساسي لتفعيل التدخل الإيجابي يفرض توجيه وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية نحو إعطاء الأولوية لاستيراد السلع الغذائية الأساسية والتموينية والأخرى الضرورية جداً للإنتاج المحلي، مثل: الآلات ومعدات الإنتاج وقطع غيارها والسلع الوسيطة ومستلزمات الإنتاج والخامات ومنتجات البترول ومشتقاته، والأدوية والأمصال والكيماويات الخاصة بها والأسمدة والمبيدات الحشرية ومستلزماتها والزيوت والشحوم الصناعية.
لتحقيق الديمومة في ضبط الأسواق وللمتابعة ومعرفة النتائج بشكل دوري، لابد من إطلاق مؤشر أسعار للسلع الاستهلاكية حيث يشتمل في بداية انطلاقته على أسعار يومية لعدد من أصناف السلع الغذائية، مثل الرز، والسكر، والحليب المجفف، والزيوت النباتية، واللحوم الحمراء، ولحوم الدواجن، وذلك في عدد من المدن والمحافظات الرئيسية، على أن يقدم المؤشر إضافة إلى ذلك تحليلاً لمتوسط أسعار السلع الغذائية التموينية والسلع الأخرى مثل (الأسمنت، وحديد التسليح، والشعير) بشكل أسبوعي ومقارنتها بآخر تحليلين سابقين، وذلك على سبيل المثال.
تنفيذ المؤشر على أرض الواقع في الظروف التي تمر بها البلاد سيلقى دون أدنى شك استحسان المستهلكين للسلع والمواد الغذائية والتموينية، لكونه سيسهم بفعالية أفضل في استحداث وخلق بيئة تنافسية بين المراكز التجارية، والحدّ من ظاهرة ارتفاع أسعار السلع الأساسية والضرورية المستهدفة، هذا إضافة إلى إسهامه في رفع مستوى وعي المستهلك المرتبط بأسعار السلع والمواد الأساسية بأنواعها المختلفة والبدائل المتاحة.

توصيات
ثمة تدابير لحماية المستهلك ومنع الممارسات الاحتكارية يمكن إدراجها ضمن نظام مراقبة أسعار السلع والإنذار المبكر؛ بالعلم الاقتصادي تأتي في سياق رؤية توضع لبرامج محدّدة تهدف إلى تنفيذ السياسات الاقتصادية، والإشراف على النشاط التجاري وتوجيهه بما يتفق مع متطلبات التنمية الوطنية، واستنباط ما يمكن استنباطه من توصيات لتنفيذ السياسات والبرامج التي تهدف إلى جذب الاستثمارات كإحدى الأولويات في المرحلة التالية.
إن الأزمات الاقتصادية تحتاج إلى دعم ووقفة حقيقية وفعالة من الحكومة، لأن ارتفاع الأسعار بصورة عامة يؤثر في قدرة المواطنين على الاستهلاك وظروفهم الصحية من حيث تقنين الكميات التي يحصلون عليها، كما أن سياسة الاقتصاد يُفترض أن ترتبط بسياسة داعمة لصمود المواطن في ظل احتكار التجار مقابل المنتج المحلي، وبالتالي يقع على الحكومة دور كبير من خلال دعم السلع الغذائية الأساسية وفرض الرقابة المستمرة على الأسعار والتجار المستغلين.
دمشق – سامر حلاس