ثقافة

التفاعل في “أطفال يبدعون” تحريض لأفكار جديدة ومختلفة

جمعتهم طفولتهم وموهبتهم في مكان واحد ليحلق كل منهم  بعالمه العفوي بعد أن مزجه بسماوات من رقص وشعر وغناء الآخر، في جو أقرب للتفاعل والتخيل منه للتعليم، فورشة عمل “أطفال يبدعون” تجسيد لحالة الإبداع التي يعمل المخرج المسرحي أحمد كنعان على استنباطها من داخل كل طفل كموهبة خامة لم  تتلون بعد، دون أن يحاول رسمها وتحديدها، بل يتركها في فضائها الرحب لتتمثل في نهاية الورشة في مسرحية ألفها ونفذها الأطفال أنفسهم، والغاية الأساسية من “أطفال يبدعون”  كما ذكر كنعان ليس إنتاج المسرحية بحد ذاتها فهي عامل جذب للأطفال لا أكثر، وإنما الهدف الأساسي هو التحريض على الإبداع ودفع الطفل أن يحب أفكاره وإبداعه ويخرجه بكلمات وأفعال وسلوك  والوقوف في وجه مجتمعنا الذي يربي أطفاله على سياسة القمع والكبت ويستخدم مفردات  تؤثر على نفسية الطفل وتحبط مواهبه بل وتحارب أي اختلاف يملكه.
وأضاف كنعان نحن في هذه الورشة نشجع الطفل أن يقول ويفعل ما يريد حتى لو بدا أنه عادي في البداية فمع الوقت تظهر أشياء مختلفة ومواهب حقيقية، اخترت 12 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 5 و14 من مجموعة أطفال وحرصت في اختيارهم أن يكون هناك تفاوت في نواح مختلفة فبعضهم من بيئات متشددة وأخرى منفتحة وهناك أطفال موهوبين وعاديين وبرأيي الاحتكاك والتفاعل فيما بينهم سيولد نتائج إيجابية.
وتابع كنعان: مع الوقت أدرك الأطفال أن أي فكرة تطرح تلاقي الآذان الصاغية والاهتمام مما منحهم المزيد  من الجرأة، ورأى أن تأثير الأزمة  على الأطفال تجلى في سلوكهم أكثر من وعيهم وهو موجود في تفاصيل كثيرة حتى أنهم أصروا أن يدخلوا في مسرحيتهم أغان وأشعار عن الأزمة.
وعن الاختلافات في التعامل بين الأطفال والكبار أشار كنعان إلى أن  تجاربه الأولى بدأت مع الأطفال والتعامل معهم أسهل وأجدى، فالكبار لديهم  قناعات وقيم وأخلاق منجزة ولا مجال للتأثير فيها، لكن مع الأطفال نمتلك إمكانية التدخل، ونوه كنعان إلى مسألة مهمة فقال أنا  لا ألامس  نفوس وذوات الأطفال بل أطلع عليها لا أكثر وأعمل على أن أظهر المواطن الجميلة  فيها فأنا حريص أن لا أتصرف كوصي علىهم فهذه مسألة غير مقبولة، ودوري يقتصر على المشاركة برسم الخطة والتوجيه دون مباشرة في الأسلوب.
ورأى  كنعان أن هذه الورشة هي اختبار جاهزية ودراسة النفقات والتكاليف تأسيساً لتجارب لاحقة وقد تمت هذه الورشة بدعم بسيط من جمعية نور للإغاثة واشتراك رمزي اختياري من الأطفال.
وعن علاقته مع المسرح أشار كنعان أن الفنون  بشكل عام مهملة من المؤسسات والأفراد، والمسرح تحديداً يعاني الإهمال حتى من الجمهور وحتى قبل الأزمة ولكنني مازلت أعوّل على أن المسرح هو المخرج الوحيد للشعب من النفق المظلم وكما يقال “أعطني مسرحاً أعطيك شعباً” فعندما يوجد الناس في مكان واحد ويتشاركون بموضوع واحد يتولد حواراً صامتاً فيما بينهم وهو حوار مهم وأساسي لتطور الشعوب.
وغمر المكان جو من التفاعل والأريحية فرضه الأطفال ببراءتهم وعفويتهم والتفاؤل الذي بدا على وجوههم، وعبرت عنه الطفلة الأكبر سناً بينهم كنانة مصطفى بابتسامتها وحديثها أن هذه الورشة حققت لها حلمها، فكانت مقدمة برامج توجه أسئلة للأطفال في المسرحية التي  هي عبارة عن برنامج مواهب اسمه “نجوم صغيرة” يستضيف مجموعة أطفال موهوبين ويتحدث كل منهم عن موهبته ويقدمها برقصة أو أغنية أو شعر.
وأشاعت الطفلة غنى عبيد جواً من المرح بكلماتها الطفولية وسعادتها بما ستقدمه من شعر يفصح عن حبها لسورية فقالت:
أحب بلادي.. أحب الشام/ وأهوى هواها..هواها هيام/ فمن أرضها كان صوت السلام  وفوق ثراها تربى الكلام.
كما وعزفت الطفلة تبارك كنعان على البيانو، وقدمت النجمة الصغيرة ألمى سليمان رقصة باليه لتبشر بفنانة سيكون لها مكانها بين نجوم الغد.
لوردا فوزي