ثقافة

غسان ونوس: المبادرة الثقافية هي الحل للخروج من الأزمة

طرح الأديب غسان كامل ونوس في محاضرته التي ألقاها في المركز الثقافي أمس فكرة المبادرة الثقافية أو الحل الثقافي للازمة  في سورية (الجميع من اجل الجميع)، وشرح الأبعاد الثقافية للازمة في وطننا والتي تمثلت ابرز ملامحها في محاولات إثارة الفتنة الطائفية والمذهبية والتركيز عليها في وسائل الإعلام المتعددة واستخدام الدين والمصطلحات الفتنوية والمسميات المتعددة للألوية والكتائب المعتدية على الأحياء والقرى والمدارس والمؤسسات، واستهداف المراكز الثقافية والمراكز التعليمية والرموز التاريخية كقطع رأس تمثال أبي العلاء المعري في معرة النعمان والاعتماد على دراسات وبحوث تتناول الواقع الجغرافي والديموغرافي بكل تفاصيله، ونوه ونوس إلى أن الحل الثقافي هو الأكثر جدوى لعدة أسباب ذلك لأنه الأبقى ولأن العامل الثقافي لايتوقف مع احتدام المواجهات بل يكون دوره بالغ الأهمية في القابلية للتأثير والتأثر ولاينتهي حضوره مع توقف الرصاص، بل يمتد فعله بعد ذلك ترميما وتصويبا ومراجعة وتحصينا ومواجهة للمنعكسات السلبية التي أثرت في شرائح الناس المختلفة، كما أن الحل الثقافي يحمل المسؤولية للجميع حيث أثبتت الأحداث المؤلمة قي سورية أن الثقافة لاتتوقف على أصحاب الشهادات والمواهب والإصدارات والمعارض ولا على المؤسسات الثقافية الرسمية بل إن الشعب بمواطنيته وانتمائه جسد المسؤولية الثقافية بأبهى صورها وحمى البلد ومؤسساته الفاعلة، واحتضن المؤسسة العسكرية، كما إن إمكانيات الحل الثقافي متوافرة وهي الطاقات والخبرات والمعلومات والمواهب المتوفرة لدى كل شخص يمكن أن يقدمها إلى الآخرين، بالإضافة إلى أن الحل الثقافي يمكن الإسهام به  من قبل الجميع، وهو ليس ملكا لأحد، كما انه يشجع المبادرات ويقوي الحصانة الذاتية والمجتمعية. وهناك سبب آخر وربما كان الأهم كما يقول ونوس وهو تقصير المؤسسات الثقافية في إنجاز مهامها وعجزها بحكم طبيعة عملها الرسمي والية التخطيط والتحرك وأكثرية القائمين عليها من المعنيين بلا أسس ثقافية، وافتقار غالبية المثقفين لما يتطلبه العمل الثقافي من تضحية وإقدام، وقد تبدى هذا العجز الرسمي والقصور الشخصي في هذه الأزمة الكارثية فلم تكن جبهة ثقافية أو مجموعات ثقافية متواصلة أو مبادرة في ابسط المشاهد والظواهر حتى في المناطق التي لاتشهد مخاطر أمنية فيما وجدنا مثل هذه المبادرات لدى شرائح أخرى كالجيش الالكتروني، وتطرق ونوس إلى عناصر الحل الثقافي وهم الأدباء والفنانون والمفكرون والمثقفون الآخرون من أعضاء اتحاد الكتاب العرب ونقابة الفنانين ونقابة الفنون الجميلة وسواها والعاملين فيها من المهتمين بالشأن الثقافي فهناك الكثير من أصحاب الإمكانيات الثقافية يرغبون في الإسهام بأي عمل ثقافي ولايجدون من يدعوهم أو يحتفي بهم أو يستمع إليهم أو يعطيهم فرصة للتعبير عن رغباتهم، أما عن كيفية إقامة المبادرة فإنها تقتضي كما أشار ونوس الرؤية المتبصرة لمفاصل المبادرة وتفاصيلها واليات سيرورتها وهو مايتطلب المشاركة من الذين يستطيعون تقديم مايفيد في ذلك وهو جزء من أسباب طرح المبادرة، أما عن متى نبدأ بالمبادرة فبين ونوس أننا لا نبدأ من الصفر ولانتحرك من فراغ فهناك بنية ثقافية تحتية منجزة خلال عقود سواء عن طريق مؤسسات ثقافية ونقابات ومنشات ثقافية والاهم من كل ذلك انه لدى الشعب السوري عراقة في التاريخ والمشاركة في انجاز الحضارة، وختم ونوس محاضرته بالقول إن الحل الثقافي ليس بديلا عن الحلول الأخرى بل هو رديف مساعد، وليست المبادرة الثقافية تنظيما حزبيا ولا تيارا سياسيا ولا تحركا فوضويا وليست بديلا عن جهة أو احد بل هي رغبة ثقافية وطنية خالصة لعيون أبناء الوطن، وبالتالي يمكن أن نبدأ بأضعف الإيمان من النفس الأمارة بالأحاديث السلبية وتعميم الممارسات الشاذة وتعويم السطحيين والفارغين والمدعين ورفض استخدام العبارات الفتنوية حتى في إطار مواجهتها وتكريس الممارسات الحيوية المنتجة وتعميم الحالات الايجابية ولاسيما البطولات الأسطورية للجيش العربي السوري وروافده.
طرطوس– ميس خليل