ثقافة

نضال سيجري.. التقاويم بلا قلب يا أبو وليم.

وكأنها مزحة ثقيلة الظل تلقيها ورقة روزنامة الحائط هذا الصباح، 11 -7-2014، الذكرى السنوية الأولى لوفاة “نضال سيجري” هكذا تقول هذه الورقة وهي تنتظر أن تسقط كورقة خريف مؤجل، هكذا تقول وعليّ أن أصدقها، أن اصدق أن الموت قادر على أن ينال من اسعد خرشوف، من صوته المبحوح وهو يغني للبحر “يا سجرة الليمون يا عينيا”، من عينيه الدامعتين دائما حتى وهو يضحك، أي موت هذا الذي استطاع أن ينال من نضال سيجري كله، أبو وليم بألفته ومحبته ونقاء سريرته وعظيم موهبته، هكذا كله يموت دفعة واحدة! حقا هذه التقاويم بلا قلب.
قد تستغربون استغرابي هذا من وفاة “نضال”، وربما يجده بعضكم مادة للتندر، خصوصا بعد مضي عام على رحيله الهادئ كتفاحة طافية في جدول ماء، فمن ذاك الذي لن يطاله الموت؟ بالتأكيد لا أحد، إلا أننا نصادف قلة من الأشخاص الذين تصطخب بهم الحياة ويصطخبون بها، للدرجة التي لا نصدق فيها حتى أن الموت داس عتبة بيوتهم، نضال سيجري واحد من الذين لا تمر الحياة بهم بقدر ما يمرون هم بها، لا ينتظرون منها أن تدلهم إلى دروبها ومنعطفاتها، لأنهم يسبقون الأيام بتقلباتها ومزاجيتها إلى ما ترنو إليه قلوبهم المثقوبة بالشغف، فتبقى الأيام خلفهم تنظر إليهم وتنتظر غيرهم.
القيمة الفنية العالية التي أضافها مخرج “طعم الليمون” إلى اللوحة الدرامية السورية بمختلف فنونها “مسرح– سينما تلفزيون”، جعلته واحدا من أهم صناع فرجتها وأقربهم لوجدان الجمهور وعاطفته، فالرجل الذي أطل بهيئة مثيرة للضحك في “ضيعة ضايعة”  جعل صورته حاضرة أبدا في خاطر كل من تابع هذا العمل محليا وعربيا، ومن المجحف برأيي تشبيه الراحل “سيجري” بـ تشارلي شابلن، خصوصا وأن شخصية “اسعد خرشوف” سبب التشبيه، اطعم الناس في هذا العمل الاستثنائي فعلا صوته، كما أن التنوع الفريد الذي قدمه الراحل في مختلف أعماله جعله من الفنانين القلائل السوريين والعرب والعالميين أيضا، القادرين على تأدية أي دور، بغض النظر عن طبيعته.
حتما خسرت الدراما السورية قامة فنية وإنسانية نبيلة بفنها وبغنى نفسها وترفعها عن الصغائر والدسائس والشللية الخبيثة “باعتبار أن هناك أيضا شللية حميدة” التي حكمت وتحكم الوسط الفني للأسف، وحتما خسر الوطن واحدا من أبنائه المخلصين والمشغولين به وعليه عن أنفسهم حتى والموت يتنازعهم على ما تبقى لهم من أنفاس معدودات.
صعدت روح نضال وأنفاسه الأخيرة مع كلمات قليلة، لم يقلها ليوصي بإرث أو ولد، بل لفظها مع آخر أنفاسه ليوصي بوطن أحبه واسكنه في ثناياه، وطن ائتمن عليه أخيه فواز الذي كان آخر من سمع كلمات الراحل الأخيرة بعد أن فاق من غيبوبته الطويلة، امسك بيد أخيه وقال له: سورية يا فواز .. ثم أغمض عينيه وولج كروم خياله الدانية القطوف.
نضال سيجري (28 أيار 1965- 11 تموز 2013)، ممثل سوري. ولد في مدينة اللاذقية، هو خريج المعهد العالي للفنون ، متزوج وله ولدان . أصبح عضواً في نقابة الفنانين السوريين في 17/9/1991، وشارك في الكثير من الأعمال المسرحية والسينمائية والتلفزيونية. ويعود أصله إلى قرية تسمى سيجر في ريف إدلب الغربي. عانى السيجري في السنوات الاخيرة من مرض السرطان الذي ادى إلى استئصال حنجرته، وظهر بعد ذلك بدور صامت بمسلسل “الخربة” في عام 2012 .
توفي في الحادي عشر من تموز 2013 م بعد معاناة طويلة مع المرض .
لقّبة محبيه وبعض النقاد بـ”شارلي شابلن” العرب عن دوره في مسلسل ضيعة ضايعة عن دور “أسعد خرشوف”.
أعماله:
في المسرح: كاليغولا، ميديا وجيسون، السفربرلك، شو هالحكي، شوية وقت، آواكس، الغول، نور العيون، تخاريف، سندريلا، أصوات الأعماق، النورس مات ثلاث مرات، حمام بغدادي.. وغيرها.
في السينما: زهرة الرمان، الترحال، طعم الليمون، خلف الأسوار، رقصة الغراب
سيلينا، خارج التغطية، حادثة على الطريق، العريضه، الطحين الأسود.. وغيرها.
دراما تلفزيونية: رمح النار،الأيام المتمردة، كان ياما كان، هوى بحري غزلان في غابة الذئاب، الانتظار، بنات العيله، ضيعة ضايعة، الخربة، قلبي معكم، سفر الحجارة
زمن العار، إذاعة فيتامين، مرسوم عائلي، حكواتي كافيه، بقعة ضوء (عدة شخصيات) في أعوام [2008/2004/2003] .. وغيرها.
تمام علي بركات