اقتصادتتمات الاولى

تساؤلات بلا إجابة على خلفيّة عدم السماح للإعلام بدخول مبنى الوزارة..! “الإسكان” تنفخ في قربة “العشوائي” المثقوبة.. والتهرّب من الإجابة دليل إفلاس

لم تحظَ مناطق السكن العشوائي في بلادنا بمعالجات تتناسب مع الحدّ الأدنى لما تتنادى به الجهات المعنية -وخاصة وزارتي الإسكان والتنمية العمرانية، والإدارة المحلية– من ارتقاء وتشذيب وتأهيل وتجميل، وما إلى ذلك من شعارات لا تسمن ولا تغني من جوع، فعلى ما يبدو لا تزال هذه الجهات مصرّة على النفخ في قربة مثقوبة، ولعل محاولاتها في هذا الاتجاه حتى الآن لا تتعدّى مجرّد اجتماعات يرشح عنها تعديل في بعض القوانين تارة، ووعود بالمباشرة بأعمال التأهيل تارة، والعمل على تحديد بعض المناطق المستهدفة تارة أخرى.

محاولة فاشلة
حاولنا الولوج إلى وزارة الإسكان والتنمية العمرانية علّنا نحظى بآلية عمل جديدة، أومبادرة غير مسبوقة تعمل عليها الوزارة في هذا الملف الذي عجزت عن معالجته جميع جهاتنا التنفيذية للأسف الشديد، لكننا صُدمنا بمتاريس حالت بيننا وبين الدخول إلى (حصن الإسكان والتنمية العمرانية)، إذ لم يسمح لنا بواب الوزارة بالدخول دون إذن مسبق، دون أدنى مبالاة بمهمّتنا الرسمية، علماً أننا كررنا المحاولة أكثر من مرة…!.
استطعنا بعد محاولات عدّة، أن نتواصل وعبر الهاتف فقط –لأن الصحفيين محرَّم عليهم الدخول إلى الوزارة- مع أحد مفاصل الوزارة ليطلعنا على بعض حيثيات السكن العشوائي، إذ رحّب بكل حفاوة وسرور بما طرحناه عليه من أسئلة في بداية الأمر، ليتهرّب منا لاحقاً لأسباب لا تزال حتى الآن مجهولة، تهرّب لا يزال يشكل حالة مسيطرة من الضغط العالي والمنخفض على مدار نحو سبعة أشهر، ولعل السبب يرجع إلى ثلاثة أمور لا رابع لها، أولها: فراغ الجعبة من أي جديد وحتى قديم أنجز، وثانيها: ربما التخوف من الظهور إعلامياً، أما ثالثها فنتحفظ عليه إلى حينه..!.

علامات استفهام
نعتقد أن صدّ الوزارة وعدم تجاوبها بالمطلق معنا، يخفي وراءه الكثير من علامات الاستفهام، ويحفزنا على التكهّن بأنها غير قادرة على الاضطلاع بملف السكن العشوائي، بل ربما تكون عاجزة عن المعالجة ولو بالحدود الدنيا..!.
آخر ما حرّرته الوزارة في هذا الملف هو عقد مجلس إدارة الهيئة العامة للتطوير والاستثمار العقاري اجتماعاً برئاسة وزير الإسكان والتنمية العمرانية المهندس حسين محمود فرزات، الذي أكد أن المهام الملقاة على عاتق الهيئة خلال المرحلة المقبلة تحتّم عليها ترتيب الأولويات والانطلاق بقوة وثقة في تنظيم وتشجيع الاستثمار في القطاع العقاري لزيادة مساهمته في عملية الإعمار، وبالتالي المشاركة الفعّالة في التنمية العمرانية وتأمين الاحتياجات السكنية، مبيّناً أن عمل الهيئة بات اليوم أشمل بعد أن أصبح ملف السكن العشوائي منوطاً بها، ومشيراً إلى ضرورة العمل على أرض الواقع والدخول إلى ‏المناطق التي تحتاج للتأهيل والتنظيم دون هدم، وهذا الأمر سيسهم في خلق حركة عمرانية تؤمّن مسكناً مقبولاً للمواطنين، وفي الوقت نفسه تنقل المنطقة من عشوائية إلى نظامية وخاصة أن الامتداد العشوائي يشكل حالة غير صحيحة وخللاً في النسيج الحضري والعمراني للمدن والتوزيع الجغرافي للسكان بين المدينة والريف.

لا جديد..!
نكاد نجزم بأن كلام الوزير هذا بات معروفاً لدى القاصي والداني، فهو لم يضِف أيّ جديد، وكنا نرغب بالفعل أن يتكلم الوزير بلغة الأرقام، لا بلغة الشعارات وعناوين السين وسوف..، وأن يحدّد الخطوات الفعلية الواجب اتخاذها، وتوضيح رؤية الوزارة الفعلية للمعالجة عبر آليات وبرامج عمل محكومة بإطار زمني غير قابل للمساومة، لا أن يتكلم عن الآثار السلبية للسكن العشوائي المعروفة للصغير قبل الكبير..!.

أخيراً…
نُذكّر الوزارة بأحد التقارير الصادرة عنها بالذات، وقد أكد أن استمرار توسع مناطق السكن العشوائي دليل على استمرار أسباب نشوئها، كما أن الاقتصار على معالجة النتائج بإجراءات متشدّدة دون النظر إلى الأسباب غير مجدٍ، إضافة إلى كونه يضع جميع قاطني هذه المناطق في خانة مخالفي القانون والمتجاوزين عليه، وبالتالي المساهمة في نشر ثقافة قبول مخالفة القانون وتجاوزه تحت ضغط ووطأة الحاجة، وقصور هذا القانون عن تلبيتها، حيث أوضحت البيانات أن عمر هذه الظاهرة في سورية بحدود (35 – 55) سنة تقريباً.

دمشق – حسن النابلسي