اقتصادتتمات الاولى

وللمرة الثالثة منذ بدء الأزمة “المركزي” ينفي شائعة تعويم الليرة مدرجاً إيّاها ضمن الحرب التي تشنّ عليها

أدّى إطلاق المصرف المركزي الحرية لشركات الصرافة بتداول العملات ضمن حدود معينة (164 و167 ليرة) للدولار الواحد في الآونة الأخيرة، إلى تقليص الفارق بين السعر الرسمي وسعر السوق السوداء، وبدأ يلحظ كل مراقب للـ”فوركس” خروجاً تدريجياً للمضاربين غير النظاميين، وهو أمر خفف الطلب على الدولار من السوقين الرسمية والسوداء.

حلم يراودهم
بينما نفت مصادر مصرفية مطلعة لـ”البعث” ما تناقلته بعض وسائل الإعلام “المغرضة” حول توجّه الدولة إلى التعويم، وتعدّ هذه المرة الثالثة التي تتناقل فيها هذه الوسائل خبر تحرير سعر صرف الليرة منذ انطلاق الأحداث والاضطرابات مطلع عام 2011، هادفة إلى تحقيق تراجع ولو نسبي في العملة الوطنية وتعريضها للتدهور أمام العملات الأخرى، وذلك بعد متابعتهم للاستقرار الذي حققته الليرة وتخوّفات انتابتهم من تحسّن يتوقع أن يطرأ على قيمتها الشرائية خلال النصف الثاني من العام الجاري.
كما أن الواقع الاقتصادي والمعطيات المالية تنفي جملة وتفصيلاً توجّه الحكومة نحو التعويم، وليست في موقع يسمح لها بالإقدام على مثل هذه الخطوة، دون احتساب الكوارث المتوقعة على سعر صرف الليرة، وخصوصاً أن العملة الوطنية خسرت نسبة من قيمتها نتيجة العقوبات الخارجية الجائرة على سورية.
ولا يمكن للمصرف المركزي أن يكون متجهاً إلى التعويم، وتطبيقه في هذه الظروف هو مغامرة اقتصادية نتائجها سلبية جداً على سعر الليرة.

إزالة الفجوة
مصدر في “المركزي” نفى اتخاذ المصرف أي قرار يهدف إلى تعويم الليرة في المستقبل القريب، وبيّن لـ”البعث” أن الإجراءات التي تتخذ غايتها إزالة الفجوة بين السعر الرائج والمعلن في نشرة أسعار الصرف الصادرة عنه، وأن تعويم الليرة يتطلب عدداً من الإجراءات وما تتناقله الصحافة بهذا الشأن غير دقيق ومبنيّ على أحلام ينسجونها في مخيلتهم لغاية في نفس يعقوب إلا أنها باتت مفضوحة للقاصي والداني.
وطلب “المركزي” من جميع المواطنين حصر تعاملاتهم فيما يخص شراء القطع الأجنبي /دولار ويورو/ والعملات الأجنبية الأخرى عن طريق المصارف ومؤسسات الصرافة العاملة والمرخصة أصولاً، وذلك حرصاً على مصلحتهم وسلامة تعاملاتهم المالية وخاصة المتعلقة بالقطع الأجنبي.
يشار إلى أن التعويم هو أن نترك سعر صرف الليرة لآليات السوق دون تدخل، أي إن العرض والطلب هما اللذان يحددان السعر الحقيقي، وفي حالتنا هنا الأمر ليس تعويماً لأن الذي يحدّد السعر ما زال المصرف المركزي، حتى مجرد تحديد مستوى للبيع والشراء، يعدّ تدخلاً، إضافة إلى استمراره بعقد جلسات لبيع الدولار لشركات الصرافة والمصارف الخاصة.

دلائل
وهذا يعني أن الحكومة ما زالت قادرة على ضبط سعر صرف الليرة، ولدى الدولة فائض في الاحتياطي النقدي يدل عليه تدخّلها المستمر في سعر الصرف، وتثبيت قيمة العملة وتحكمها في استقراره، دليل آخر على ذلك، وأن ما زعمته بعض وسائل الإعلام المغرضة حول التعويم عارٍ من الصحة وجزء من الحرب الإعلامية على سورية واقتصادها، وكان حاكم المصرف أديب ميالة يدرج هذه الأخبار الملفقة -في كل تصريح له- ضمن أسطوانة الكذب الدائمة الذي لا يتعدى كونه وسيلة ضغط جديدة على الليرة والاقتصاد الوطني والتشكيك بصموده في وجه الحرب الشرسة التي تشنّ عليه.
وباعتقادنا أن “المركزي” قصد من خلال إجراءاته الأخيرة إعطاء مزيد من المرونة للعملة الوطنية مقابل العملات الأخرى، والسماح للمؤسسات المالية بتحديد أسعار الصرف الخاصة بها بصورة مستقلة، والتحرك ضمن نطاق معين، وحصر ظاهرة المضاربة بالقطع الأجنبي، وإلغاء كاملاً لفكرة “دولرة” الاقتصاد، وتعزيز الثقة والأمان بالليرة السورية، لأنها غطاء الاقتصاد، وانعكاس له، وقوة الاقتصاد تنعكس بالتالي على قوة الليرة، والعكس صحيح، وبالتالي على الجميع مسؤولية وطنية للمحافظة على قدرتها الشرائية والتعامل بها حصراً دون غيرها.
دمشق – سامر حلاس