اقتصاد

نقطة ساخنة بين الضرورات والمحظورات..!؟

إن صحّ الخبر فتلك مشكلة فعلاً، ولا يمكن قراءتها ببراءة أوبالتساهل حيناً وبغض الطرف أحياناً أخرى، كما أنه لا يمكن أخذ الموضوع في عناوينه “البسيطة” ظاهرياً بينما المخفي لكونه كذلك هوفي حدّّ ذاته أكثر من مقلق، فالشك هنا فطنة، وهي لم تعُد حكراً على أحد، وبالتالي فإن التساؤلات التي قد تطرح محرجة جداً، إن كان هناك من قد يشعر بالإحراج..
إنذارات لعشرات المستوردين ممن ارتكبوا -وعلى عينك يا حكومة– مخالفة سياسة ترشيد الاستيراد، وجّهتها وزارة الاقتصاد وأعقبتها بالتلويح بعصا تحت طائلة المسؤولية واتخاذ العقوبة الأشدّ في حال تكررت مخالفاتهم..
الوزارة على ذمّة المصدر أصدرت قائمتين تضمّنتا عدداً من المستوردين الذين تجاوزوا 150 مستورداً، إذ إن مخالفات هؤلاء تركزت حول شحن البضائع الخاصة بهم قبل الحصول على إجازة استيراد، أي بعكس ما نصت عليه التعليمات الأخيرة التي أصدرتها “الاقتصاد”، والتي أكدت وشدّدت فيها على تحقيق وتنفيذ شرط الحصول أولاً على إجازة الاستيراد ومن ثم تتم عمليات الشحن، بالإضافة إلى مخالفات أخرى تتعلق بالكميات المشحونة من السلع قبل تدوينها على إجازة الاستيراد والتي قد لا تسمح بها سياسة الترشيد.
أمام تلك المخالفات الصريحة والواضحة وجدت وزارة الاقتصاد نفسها كما يقال “كبالع الموس على الحدّين”، لذلك فضلت عدم اللجوء إلى حرمان أؤلئك المستوردين من منحهم إجازات استيراد بحجة الأسباب المخففة المتمثلة بالظروف الراهنة التي تمر بها البلاد والعباد، لا بل كان عدم الحرمان تسهيلاً منها لأعمال التجار والمستوردين وعدم وضع أي عقبات تقف في طريق عملياتهم التجارية أوتحدّ منها.
لذلك ارتأت الوزارة توجيه الإنذار -ولا نعرف شفوياً أم خطياً– خياراً تكتيكياً، على الرغم من أن العقوبات التي يمكن تطبيقها على المستوردين المخالفين لسياسة الترشيد، وخاصة فيما يتعلق بإجازات الاستيراد والشحن قبل الحصول على الإجازة، تصل إلى حرمان المستورد من إجازة الاستيراد مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر، لكن “الاقتصاد” جنحت للتهدئة عسى ولعل..، ولم تطبّق تعليماتها الملزمة، وتركت حل رفع بطاقة الحرمان آخر الحلول والإجراءات لمعاقبة المستورد المخالف، فتم طيُّها في المخالفة الأولى، ولكنها توعّدت بـ”يمكن” أن تلجأ -لا ستلجأ- إلى رفعها في حال تكرار المخالفة..!.
مع ذلك لن نحمّل الوزارة ربما أكثر مما تستطيعه، لكن في المقابل لنا تساؤلاتنا غير البريئة حول عدد من النقاط التي لا تحتمل التهاون فيها، ولعل أولها من حيث الشكل: الموضوع الإجرائي الذي لا يقل شأناً وأهمية عما هوأعمق وتحديداً لناحية الأولويات المطلوبة من السلع والمنتجات وتواتر استيرادها، هذا في حال كان هناك ضبط لإيقاع توالي السلع برامجياً وزمنياً بما يتناسب مع احتياجاتنا..
وفي حال حاولنا “التفاطن” نتساءل عن وضع تمويل المستوردات في حالات كهذه، وما يرتبط بهذا من عدم استيراد بعضهم سلعاً حصلوا من أجلها على قطع صعب، ناهيكم عن موضوع بلد المنشأ ونوع ومواصفات السلع ونسبة الـ40% كقيمة مضافة يشترط إعفاؤها من الرسوم الجمركية إن كانت السلع من الدول العربية بحكم اتفاقية التجارة الحرة بينها، وغير ذلك من التفاصيل الجمركية، التي يجب أن تكون موجودة سابقاً ولاحقاً حين ورود السلع إلى مرافئنا، في إجازات الاستيراد..
فعلاً “دوّيخة”، وجدت وزارة اقتصادنا الخارجي نفسها، دون أن تدري أمام “ضرورات تبيح المحظورات” فاختارته مبدأ وبديلاً من تعليماتها وقراراتها.
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com