اقتصاد

نقطة ساخنة الشريك الحقيقي

لاقتصاد أي دولة خصوصيته التي تتكامل فيها أطياف قطاعاته المختلفة، مشكّلة طابعه النهائي ضمن معادلة تبيّن مدى قوته، ومنافسته، وصموده أمام اقتصادات الدول الأخرى.
لعل قوة الاقتصاد تتأتى من مدى قوة صادراته وغزو منتجاته وصناعاته للأسواق العالمية، بمعنى ألا يكون الاقتصاد مرتكزاً على الريعية والخدمية دون الإنتاجية، ما يدعم في نهاية المطاف الميزان التجاري ويرجّح كفة الصادرات على حساب كفّة المستوردات.
في المقابل هناك كثير من الدول غير الصناعية تتمتع باقتصاد قوي (ظاهرياً) بحكم أن عائدات النفط هي من يدعم ميزانها التجاري الذي يغطي على محدودية صادراتها الأخرى، ما حدا ببعض المراقبين إلى وصفه بالاقتصاد غير الآمن لكون عوائد النفط لا توجّه –عادة– نحو الاستثمارات الحقيقية وخاصة الصناعية منها التي توصف برأي ذوي الخبرة بأنها قاطرة النمو.
دول أخرى كفة مستورداتها ترجح على كفة صادراتها رغم ما لديها من مواد أولية وصناعات ومنتجات زراعية استراتيجية من شأنها –على أقل تقدير- أن تعدّل كفة الميزان التجاري لديها، لكنها تبقى خارج إطار التبادل التجاري لأسباب ردّها بعضهم إلى عدم جودتها وضعف منافستها، وبعضهم الآخر اعتبرها أوراقاً رابحة بيد الدولة لفتح أسواق عالمية جديدة من منطلق المعاملة بالمثل مع كبار شركائها التجاريين من الدول الأخرى، حيث تقوم بإجبار شركائها أو الضغط عليهم -إن صح التعبير– باستيراد ما تنتجه بقدر يوازي أو يكاد يوازي ما يصدّرونه إليها، وخاصة إذا كان الشركاء يستوردون تلك المنتجات من دول أخرى.
سورية من الدول التي تمتلك مثل هذه الأوراق الرابحة ولاسيما المنتجات الزراعية، وعلى رأسها زيت الزيتون الذي بات بحاجة إلى أسواق عالمية جديدة لاستيعابه، وكان لدى سورية أيضاً شركاء تجاريون لا يشاطرونها هذه الشراكة كما يجب، ما أدّى إلى تعالي بعض الأصوات المطالبة بتطبيق مبدأ المعاملة بالمثل، فإما أن يستوعب الشركاء منتجاتنا ويكونوا بالفعل شركاء حقيقيين، أو يتم فرض رسوم جمركية على منتجاتهم المستوردة إلى سورية وفتح علاقات تجارية جديدة تغني عن منتجاتهم، وهنا يجب لفت نظر صناع القرار إلى هذه المسألة المهمة في المرحلة المقبلة، وضرورة البحث عن الشريك الحقيقي، والاستفادة من تجربة عدم المعاملة بالمثل غير المجدية، وقلب هذه المعادلة إلى ما فيه مصلحتنا الاقتصادية الوطنية.
حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com