ثقافة

الموسم الرمضاني.. دراما سورية تبحث عن تأكيد هويتها

تمكنت الدراما السورية هذا العام من حجز مساحة خاصة بالرغم من التزاحم الشديد في الموسم الرمضاني، إذ نشاهد المسلسلات السورية على غالبية المحطات الفضائية، ما يعني أن الدراما وبالرغم من تأثرها بالأزمة التي تمر بها سورية إلا أنها مازالت قادرة على فرض نفسها وملامسة ذائقة المشاهدين لما تعرضه وتقدمه من أمور وقضايا تلامس الواقع الحياتي للمجتمع السوري.
لقد تصدرت بعض المسلسلات ذروة أوقات العرض، إلا أنها مازالت تكرر نفسها وتستعرض ما استطاع الكاتب والمخرج حشوه في العمل حتى ضاق به كمسلسل “باب الحارة” في جزئه السادس من تأليف سليمان عبد العزيز وعثمان جحا والذي جاء بعدسة مخرج جديد هو عزام فوق العادة بإشراف عام من مخرجه السابق بسام الملا والذي يقدم صورة مختزلة لما سيكون عليه الجزء السابع، علماً أن المسلسل بأجزائه الستة استطاع الحفاظ على قائمة مشاهديه، إلا أن الجزء السادس يشكو ترهل الأحداث وزج قضايا بعيدة عن المجتمع العربي حينها، فمازال يطرح فترة الثلاثينيات من وجهة نظر واحدة، لا حقيقة ما كانت عليه تلك الفترة بالرغم من انتمائه لمسلسلات البيئة الشامية، وهنا يجدر القول إن الحدث الأهم حتى الآن هو عودة أبو عصام وزواجه من ناديا التي تبين أنها عميلة للاحتلال الفرنسي، وهناك أيضاً تغيير واضح وملحوظ في استخدام بعض المفردات كتغيير اسم الشام إلى سورية، وهو ما حمّل المسلسل رسائل قد تكون فوق طاقته في محاولة لملامسة الواقع السوري وتوجيه رسائل للسوريين، كما تجدر الإشارة إلى أن مسلسل “باب الحارة” في جزئه السادس بات متابعاً عبر الجينات الرمضانية بحكم العادة لا بحكم ما يطرحه من قضايا.
أما عن المسلسلات الاجتماعية التي خرجت عن المألوف وصدمت المتلقي، فقد برز مسلسل “خواتم” للمخرج ناجي طعمي والكاتبة ناديا الأحمر الذي يعرض قصة جمعية خيرية تعنى بأطفال الشوارع والنساء المعنّفات وتدربهن لتستغلهن لتحقيق مصالحها فيما بعد، وبالرغم من القضايا المتعددة والمتشابكة التي يقدمها المسلسل درامياً، إلا أنه يعكس صورة الجانب المظلم للشخصيات، وبالتالي يقدم الصورة المغلوطة للمجتمع السوري من حيث ارتداء الملابس وطرق التعامل وهو البعيد كل البعد عن الواقع السوري خاصة أثناء الأزمة، بالرغم من أن منعكسات الأزمة واضحة من حيث استخدام المفردات في الحوار بين الشخصيات.
كذلك كان للمسلسلات الكوميدية حظوة في رصيد المشاهد السوري، وذلك بسبب تعطش المشاهد لانتشال الضحكة والابتسامة من بين ركام الأمل، لكن مسلسل “حمام شامي” للكاتب كمال مرة والمخرج مؤمن الملا لم يتمكن برأينا من انتشال تلك الضحكة أو زرعها في النفوس لتنبت الأمل، إذ يبدو المسلسل كوجبة خفيفة تستعرض ما يشبه نوادر جحا فيما يفعله البطل خرطوش، في حين غابت روح النكتة الحقيقية وهبط بالمسلسل لدرجة لا تليق على حد السواء بالمتلقي ولا بنجومه وخاصة مصطفى الخاني الذي إن قارنا بين الشخصيات التي يؤديها هذا العام لكانت شخصية خرطوش هي الأضعف بينها، تليها شخصية الواوي في “باب الحارة” والتوءم شفيق في “بواب الريح”.
وبالرغم من حصول مسلسل “حمام شامي” على الجائزة الذهبية لأفضل مسلسل عربي كوميدي في مهرجان الخليج للإذاعة والتلفزيون، في دورته الثالثة عشرة التي اختتمت في 27 من آذار الماضي، وكونه أول مسلسل سوري دمشقي يصور خارج سورية، إلا أنه لم يعكس حقيقة البيئة الشامية ولا درجة الكوميديا المتوقعة.
وأخيراً يمكن أن نقول إن مسلسل “حقائب- ضبّوا الشناتي” للمخرج الليث حجّو والكاتب ممدوح حمادة هو الأكثر ملامسة للواقع السوري المعاش بما فيه من ألم وأمل ومحاولة إيجاد سبل عيش تحاكي الواقع وتضفي عليه شيئاً من القالب الكوميدي، وهو ما ترمز إليه أغنية شارة المسلسل وتؤكد الحالات التي تمر بها الشخصيات، وتعتبر بساطة المسلسل هي المرجع الأساسي لمحاكاته قضية ما نمر به في سورية الصامدة التي تأبى الانكسار، والتي تمكن الممثلون من نقل وقائعها بكل التفاصيل من حيث الكلمة والحدث ومراوغة الألم.
ديمه داوودي