محليات

المقارنة الحقيقية

مهما تعرّضت صالات ومجمعات التدخل الإيجابي الحكومية للنقد والتشكيك، فإن الواقع يؤكد أنها كانت الملاذ الآمن لغالبية السوريين في شهر رمضان وعيد الفطر.
ولعلّ التشكيك الأسوأ كان ولايزال أن أسعار السلع في صالات الخزن والاستهلاكية أعلى من أسعارها في الأسواق أو توازيها. ومن المؤسف أن تجار أسواق الهال والمستوردين يجدون دائماً من يصدق مثل هذا “الهراء” دون أن يكبّد “المصدقين” أنفسهم عناء إجراء مقارنة فعلية بين أسعار الأسواق ومثيلاتها في الصالات الحكومية!.
ولو كان الأمر فعلاً كما يزعمون.. فلماذا تشهد الصالات الحكومية ازدحاماً في أغلب الأوقات؟.. هل المواطن محدود الدخل ساذج إلى درجة يقبل فيها بشراء مواد من الأماكن التي تبيعها بسعر أعلى؟!.
لاحظوا أن من يشكك بأسعار الصالات الحكومية يتعمّد “التعميم” لتأكيد مصداقية مزاعمه، ويغفل عمداً أن السلع الأساسية كاللحوم والفروج والبيض والسمون والزيوت والسكر والبقوليات والكونسروة.. هي أرخص بكثير من مثيلاتها في الأسواق!.
ولعلّ الكثير من المواطنين لاحظوا مرة أو أكثر أن بعض أصحاب محلات وبسطات الخضار يشترون كميات كبيرة من المواد من الصالات “كالبطاطا” وبيعها بسعر أعلى للزبائن الذين يجدون “حرجاً” بدخول الصالات الحكومية لأسباب “مضحكة”!!.
ولنفترض جدلاً أن أسعار جميع مواد الصالات الحكومية أعلى بكثير أو قليل من مثيلاتها في الأسواق، فلماذا “يغتاظ” التّجار من وجودها وتدخلها.. ألا يجب في هذه الحالة أن يفرحوا ويهلّلوا لفشلها “المفترض” بالتدخل الإيجابي؟!.
الواقع يؤكد أن التّجار غير راضين، بل هم غاضبون من وجود صالات حكومية تمنعهم من احتكار الأسواق والمواد والأسعار!.
وبدلاً من أن يعمل التّجار بشعار: للصالات زبائنها ولنا زبائننا.. فإنهم يسعون إلى السيطرة الكاملة على جميع المستهلكين سواء أكانوا محدودي الدخل أم مقتدرين مالياً!!.
لقد جنّ التّجار وأصيبوا بهستيريا عندما أعلنت وزارة الاقتصاد عن موافقتها على استيراد الفروج الإيراني لصالح صالات الخزن بهدف تخفيض أسعاره، فمارسوا الضغوط ونجحوا في مساعيهم، فتوقف الاستيراد فجأة بعد فترة قصيرة جداً، وهاهي أسعار الفروج تحلّق من جديد!.
باختصار: من الخطأ الشديد أن نقارن بين أسعار السلع والمواد في الصالات الحكومية ومثيلاتها في أسواق التّجار، فالمقارنة يجب أن تكون دائماً بين الأسعار التي تسود الأسواق بوجود الصالات الحكومية والأسعار في حال عدم وجود هذه الأسواق.. هذه هي المقارنة الحقيقية!!.

علي عبود