محليات

بين قوسين في عزاء “التثبيت”

جاء موقف وزير تسيير أعمال “العمل”حاسماً وقاطعاً لكل الآمال المعقودة لدى “جيش” من الموظفين الذين يصنّفون في خانة مياومين أو موسميين بالتثبيت في مواقع عملهم، ولاسيما أن نقاشاً وجدلاً شهدته أروقة الحكومة في فترة من الفترات حول هذا الملف الأكثر حرارة وتأثيراً في سياق مستقبل ومعيشة هذه الشريحة التي دخلت سوق العمل “الحكومي” خلسة وتحت مسميات وبنود عديدة، لتتحوّل فيما بعد إلى عبء ثقيل على الموازنات المالية، في وقت أصبح بحكم التاريخ وتراكم الخبرات حقاً مكتسباً اجتماعياً واقتصادياً وحتى سياسياً.
المسؤول رقم واحد في إدارة أجندة العمل المعقدة “وهو المكلف انتقالياً” بأعمال العمل، صرح جهاراً بأنه لا نيّة لدى الحكومة حالياً لتثبيت العمال، والمبرّر من وجهة نظره أن العمل الموسمي مرهق جداً للخزينة ويكلف نحو 15 مليار ليرة سنوياً، وبالتالي ثمّة مسوغات لتعليق هذا القرار رغم الوعود والطموحات التي حاكت طرف خيط يشي بأن مرسوماً يلوح في الأفق سيحوّل حياة المياومين والمؤقتين إلى منحى أكثر استقراراً وديمومة في مواقع العمل الإداري والإنتاجي، وهذا ما تجسّد قبل أشهر بمشروع نص رفعته وزارة العمل إلى الحكومة يدرس إمكانية تثبيت أكبر قدر من المياومين شرط أن يكون لآخر مرة وفق ما سرب عنه.
نعرف تماماً أن آليات وقنوات وسياسات التعيين كانت ولم تزل في جزء كبير منها خاطئة وعرجاء تقوم على معايير غير اقتصادية، لا بل تشوبها المحسوبيات والمبازرات والمتاجرات، وفي أحسن الأحوال الأخذ بالبعد الإنساني والمعيشي الذي لا يخدم العمل بتاتاً، واليوم ندفع ثمن ارتكابات لم نحسب حساباً لها، وبالتالي كبرت كرة الثلج وراحت تضغط على الخطط والبرامج ومشاريع التطوير والتغيير، لتأتي “الأزمة” وتلقي بثقلها الجسيم على تعاطي الحكومة مع الملف الذي قيّدها، وتداعيات عدم الاستجابه للمطالب “العمالية والنقابية”  التي تصاعدت في هذا السياق للضغط على صنّاع القرار للسير باتجاه التشميل بالتثبيت المأمول.
لسنا هنا في سياق الدفاع عن الخطأ، ولكن هل يعقل أن يبقى العامل لنحو عشرين عاماً في موقعه دون تثبيت، ولاسيما أنه أصبح من الكفاءات والكوادر المهرة إنتاجياً، وبات أكثرهم يمتلكون قدرات ومواهب وظيفية وإبداعات مهنية متقدمة، إذ لا يمكن التخلي عنهم، وبالتالي من حقهم الحصول على التثبيت وهم الذين لا يحصلون على أي امتيازات وحوافز من ضمان صحي وتأمينات وإجازات وترفيعات عدا عن الأجور المتدنية مع أن خبراتهم ومهاراتهم من النوع الممتاز في بعض الحالات.
قد نكون فيما نقلناه مسوّقين بشكل أو بآخر “لتشاؤم” ليس في محله، ولكن هناك ما يجب الاعتراف به والتفاعل معه ومواكبته حتى ولو كان عكس المنال..!!.

علي بلال قاسم