ثقافة

الملتقيات الفنية التشكيلية: عافيـــــــة الثقافـــــــــة.. ولكــــــــــن؟!

تميّزت الملتقيات الفنية التشكيلية التي أقيمت خلال العامين الماضيين بحضور أسماء فنية مهمة في الساحة التشكيلية السورية، كما تميزت حصيلة الأعمال المنجزة خلالها بالسوية الفنية العالية التي سترفد الموجود المتحفي عند وزارة الثقافة بقيمة تضاف إلى مستودعاتها ولاحقاً إلى متحفها المأمول – متحف الفن الحديث-.
وقد رافقت هذه الملتقيات تغطية إعلامية محلية، حيث أجريت العديد من اللقاءات الصحفية والتلفزيونية مع بعض الفنانين كما استطلعت آراء المتابعين والزوار لأماكن الملتقيات، وتحول حفلا الافتتاح والاختتام إلى نشاط إعلامي فني ومناسبة للعلاقات العامة، وكان المسعى العام منها التأكيد على عافية الحياة الثقافية واليومية عند السوريين، ولا بد هنا من الإشادة والتركيز على مقدرة السوريين واستمرارهم على إنتاج الفن واحتفائهم بالجمال رغم آلامهم.
وفي النظر للحصيلة الفنية الناتجة عن أي من الملتقيات والمراجعة لأداء القائمين عليه ونقاط التميز والإيجابية لتعزيزها، والمواقع التي كان من المأمول الوصول إليها وأماكن التقصير إن وجدت.. يحضر السؤال هنا: ما هو المختلف في هذا الملتقى عما سبقه وهل كان متقدماً في النتيجة والأداء؟.
والهدف محكوم بآلية العمل والإمكانات المتوفرة في الملتقى، فالأمر يجب ألا يكون الملتقى مثل الذي سبقه فحسب مع العلم أن النتيجة الأولى جيدة ومن الحق أن تكون نتيجة الملتقى الذي يليه مختلفة ومتقدمة على النتيجة الأولى، والملتقى التشكيلي الأخير المعنون: “سورية جسر المحبة” لا يشك أحد بمستوى المشاركين ولا بقيمة ما قدمته وزارة الثقافة لإنجاحه وتهيئة كل الأسباب  التي تجعل منه حدثاً كبيراً وبمستوى ما سمي به، لكن المحبة تقتضي بأن نعترف بأنه افتقد إلى الأنشطة الموازية والداعمة له والتي تحقق استثماراً ثقافياً ومعرفياً وتحقق مكسباً وطنياً رديفاً لانتصار الوطن، فغياب ورشات العمل والتعامل الإعلامي وبالأخص الإلكتروني منه لم يكن بالمستوى المأمول، ففي الجانب الدعائي للملتقى نجد أن أغلب البروشورات المرافقة تقتصر على ورقة واحدة شبيهة بالبوستر ولن تحل محله أو تقوم بوظيفة الملصق وذلك لتخلفها الطباعي والفني وقصورها التوثيقي، فكانت فقيرة في المعلومة وفقيرة بالإشارة والتأثير، كذلك الأمر لنوافذ الإعلام الإلكتروني التي لم يتجاوز حد الخبر أو المادة الصحفية البسيطة التي غاب عنها الاختصاص التشكيلي، فلم تظهر الكفاءة المطلوبة لتسويق الملتقى وتسويق الصورة الفاعلة والموثقة والمواكبة، وحلت الصورة التقليدية المرافقة للخبر القصير الذي يفتقد للتخصص والوعي بالجانب المهم من الدعاية وهو التسويق الوطني والثقافي والتأثير بمساحات من البشر البعيدين عن حقيقة ما يحصل في البلد، وإيصال الرسالة الحضارية الكفيلة بهزيمة منابر الظلام والتشويه، وتأكيد الحقيقة الحضارية للإنسان السوري المبدع ولسورية السلام والجمال.
وبالعودة إلى ورشات العمل والندوات النقدية الموازية فهي تحقق كسباً معرفياً وثقافياً رافداً للحياة التشكيلية السورية يستحق التوثيق، كما يستحق الملتقى أن يكون فرصة للجمهور ولطلبة كلية الفنون الجميلة بالاطلاع على التجارب السورية الكبيرة من خلال هذه الورشات والندوات والمطبوعات المرافقة التي تغني أرشيفنا الفني.
أكسم طلاع