ثقافة

فريال أحمد صوت إذاعي دافىء سكن وجدان المستمعين

فقدت إذاعة دمشق أمس الأول الإعلامية الكبيرة فريال أحمد التي امتلكت صوتاً سورياً بامتياز ساهم في رسم ملامح الإذاعة في أروع صباحاتها ومساءاتها ورحلت عن المستمعين جسداً، لكنها باقية في الأذهان تحمل دفء العاطفة وروعة الإحساس عبر صوتها الرائع.
وقد نعى المدير العام لهيئة الإذاعة والتلفزيون محمد رامز ترجمان الإعلامية الكبيرة التي شكّلت حالة استثنائية ناجحة وعبّر عن عميق حزنه على هذا الفقد الجلل لأن الإعلامية أحمد كانت أنموذجاً يُحتذى للإعلامي الناجح والواعي لهموم الوطن والعامل على التغيير الإيجابي من خلال البرامج التي قدمتها خصوصاً أنها صاحبة الصوت الرخيم والحضور الأخاذ الذي يحلّق بخيال المستمعين إلى العلا، كما عبّر ترجمان عن خالص عزائه لأسرتها وللأسرة الإعلامية في سورية.
وأوضح الإعلامي مخلص الورار مدير إذاعة دمشق أن الراحلة كانت إحدى الركائز الأساسية في إذاعة دمشق وكانت من ألمع وأنجح المذيعات من خلال أسلوب فريد جمع بين عذوبة الصوت وعمق الأداء والالتزام بالرسالة الإعلامية بكافة جوانبها، فدخلت إلى قلوب المستمعين وتفاعلت مع وجدانهم لأنها فنانة راقية في التعاطي مع الجميع، وإضافة لكونها مذيعة ناجحة، فقد كانت معدة ممتازة وكاتبة سيناريو محترفة وبفقدها يفقد الإعلام السوري قامة يصعب تكرارها، وستبقى فريال أحمد حاضرة في قلوب مستمعيها ووجدانهم.
بدوره الإعلامي موسى عبد النور مدير إذاعة صوت الشعب، أكد أن صباحات سورية ستبقى معنونة باسم برنامجها الصباحي “مرحباً يا صباح” وعابقة بالأمل والتفاؤل رغم مرارة الخسارة، فقد كانت دائماً تخفي الألم لتظهر الأمل، كما كانت قدوة في التعاطي مع الآخر ومتقنة لأساسيات المهنة وتتحلّى بالالتزام والصدق، كما ساهمت بارتقاء الإذاعة من خلال تدريب المذيعين الجدد وهي قامة إعلامية كبيرة وخسارة على الصعيدين الشخصي والمهني.
من جهته الإعلامي جمال الجيش رئيس دائرة البرامج الثقافية في إذاعة دمشق بيّن أن الراحلة الكبيرة حالة إنسانية تفيض بالدفء والحنان وتصلح لأن تكون أنموذجاً لهذا الزمان الذي اختلت فيه موازين ومقاييس شكّلت حالة من النقاء الذي حرصت ألّا يلوثه أي شيء، وعبّر أنه من حسن حظه نجح وفريال في مسابقة المذيعين والمذيعات عام 1979، حيث كانا من الفائزين الأوائل في المسابقة والتحقت فريال بإذاعة صوت الشعب الفتية في ذلك الوقت وكانا على صلة نفسية وروحية ويربطهما حالة أكثر من الصداقة هي حالة إخوة نقية، ولعل هذه الحالة التي كانت تشعره أن فريال أخت حقيقية وحالة حميمية مع الجميع وقادرة على التقاط الصدق من الآخرين وكانت تكاشفه آلامها وأحزانها وأفراحها وأحلامها البسيطة والعادلة، وقد شكّل رحيلها فاجعة لنا كأسرة إعلامية من خلال جيلنا الذي استشعرنا أنه يحمل الأمل والذي حاول إيصال رسالة جيل يطمح للنهوض بالوطن حتى حدث ما حدث في الوطن من انكسار ترك بالغ الأثر علينا وعلى فريال، حيث خسرت بيتها الصغير الذي حمل ذكرياتها وآمالها واستشعرت أن وطننا بدأ يفلت من بين أصابعنا ولكننا كنا نؤمن بأن الوطن سيعود ولن نفسح لقوى الشر مجالاً بأن تسرق أحلامنا وستبقى في ذاكرة الوطن لأنها حالة وطن.
أما الإعلامية  هدباء العلي رئيسة دائرة البرامج التنموية والاقتصادية في إذاعة دمشق، فقد أشارت إلى اليوم الحزين الذي عاشته إذاعة دمشق وهي تودّع قامة إذاعية كبيرة برحيل فريال أحمد لأنه لن يكون رحيلاً عابراً، كونها شكلت علامة فارقة ومضيئة في تاريخ إذاعة دمشق بعطائها الكبير على المستوى الإنساني والمهني والتي نستطيع أن نختصر مسيرتها بعنوان الوطن والإنسان، حيث عبّرت من خلال موقعها الإداري وعملها الإبداعي عن تجربة عميقة مع كل الذين دربتهم ليصلوا إلى منبر الإذاعة، وهي صاحبة الصوت الملائكي الذي يترك وقعاً فريداً في القلوب والعقول، وبكلمة خاصة قالت العلي: فريال أحمد سنفتقدك ولكن عزاءنا بصوتك الدافئ الذي سيظلل صباحنا ومساءنا الذي طالما أشرق بحسك ووجودك البهي.
وبصوت حزين أشار الفنان حسن حناوي رئيس دائرة التمثيليات في إذاعة دمشق إلى سجايا الفقيدة، مؤكداً أنها منذ فوزها بالمرتبة الأولى في مسابقة انتقاء المذيعات عام 1979 صدح صوتها في أغلب البرامج الإذاعية والوثائقية وحملت بصمتها التي لن تفارق أذهان الجمهور لأنها كانت مشكاة تجذب الروح إلى النور وصاحبة حس إنساني عال وسلوك راق ومهذّب جعل منها مدرسة بكل معنى الكلمة، وقد كان برنامجها “صباح الخير” حالة فريدة في النجاح منذ ما يزيد على عشرين عاماً، وأكد الحناوي على أن شارة مسلسل حكم العدالة ستبقى بصوت الإعلامية الكبيرة فريال أحمد ما دام هذا المسلسل يبث على أثير إذاعة دمشق.
وأشار المخرج الإذاعي والفنان مازن لطفي إلى تجاربه مع الإعلامية الراحلة فريال أحمد منذ كانت مستمعة لبرامجه والتفاعل بينهما وحتى قبولها في إذاعة دمشق والتعاون المثمر على المدى الطويل بينهما وحصولهما على الجوائز الثلاث الأولى في مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون عام 2009 عن برنامج “صوت في الذاكرة” واستلامه الجائزة عنها وفرحها الممتزج بالدمع على هذه الجائزة الغالية، وأشار لطفي إلى أن فريال أحمد رحلت تاركة فراغاً كبيراً في إذاعة دمشق التي احتضنتها وتمنّى لروحها الرحمة ولأهلها الصبر.
وختم كمال الحريري عضو المجلس المركزي لنقابة الفنانين بتحية لروح مبدعة خلقت حالة استثنائية في الإبداع السوري عبر صوت ملائكي جميل لن يزول من أذهان مستمعيه حتى ولو غاب الجسد لأنها امتلكت حالة وجدانية لم يسبق لها مثيل ولن تتكرر، فلروحها السلام، ونقول: إنها ستظل بيننا دائماً، لأن صوتها لن يغيب.
مرهف هرموش