محليات

بين قوسين لابد من تطوير القطاع العام

بإقرار الجميع، تبيّن أن أغلب المعوقات التي واجهت ولم تزل عملية تطوير القطاع العام، ورفع سوية أدائه، تعود للممارسات الإدارية التي نخرت بجسد هذا القطاع، وكشفت عقم إجراءات القرارات الاحتفالية، والنظرية التي عمقت طيلة سنوات من الأزمة الفعلية التي تعاني منها مؤسسات، وشركات القطاع العام بكل تفاصيل عملها، وإنتاجها، فعلى مدى خطط خمسية متعاقبة، لم يزل هذا القطاع يحتل واجهة الاهتمامات، والتصريحات الحكومية التي تؤكد على ضرورة معالجة أوضاع هذه الشركات، والمؤسسات، والنهوض بواقعها، كون القطاع العام، ودون منازع، الضامن، والرافد الأساسي للاقتصاد الوطني.
إذاً، الكل مجمع على ضرورة، وأهمية إصلاح القطاع العام، والكل أدلى بدلوه في هذا المجال من خلال خطط، ورؤى بعيدة، وقريبة، ووجهات نظر خالط الكثير منها عدم امتلاك الرغبة الحقيقية في خطوات الإصلاح المنشود، بل عمد الكثير من جهابذة الإدارة المتحكمة بمصير المؤسسات إلى إقصاء الكفاءات، وإلغاء وجودها الإداري، والإنتاجي، ليتسنى لها تعميق هرم المحسوبيات التي قتلت روح المبادرة لدى الكثير من الكفاءات التي فضّلت الانزواء، والتسرب نحو العمل لدى القطاع الخاص، حاملة معها خبرة سنوات طويلة من العمل، والإنجاز، ولا ننسى أن معظم هذه الإدارات تعاملت مع مسيرة التطوير، والتحديث بشكل مغاير للواقع، وعملت على تكبيل القطاع العام بقيود حطمت كل آمال إصلاحه، وذلك من خلال مواقع قرار لا يجمع بينها سوى الافتقار للمسؤولية، والحس الوطني، والخبرة، والكفاءة الإدارية، والاقتصادية المطلوبة.
ومن هنا، فإن الانطلاق الفعلي نحو تخليص القطاع العام من مصاعب تشغيل منشآته، وتوفير مستلزمات عملها، قضية لا تحتمل أبداً أي تأجيل، أو تأخير، وأمر لابد من الإسراع به من خلال تكريس سياسات الدعم اللازم لفك طلاسم التدخل، والتداخل في صلاحيات الجهات المعنية بهذا القطاع، والتي أفرزت مشكلات إدارية، وترهل سياسات المتابعة، والإنتاج، والتسويق، وذلك من خلال رؤية واضحة لإطلاق المعايير الحقيقية للإصلاح المنشود للقطاع العام الذي يعتبر صمام الأمان، وحامي السيادة الوطنية، وأولاً وأخيراً، لابد من تبني سياسة، واستراتيجية عمل تستهدف رفع سوية العمل، والإنتاج، وواقع شركات، ومؤسسات هذا القطاع، وتوفير كل مقومات التقدم التقني، والتكنولوجي له، والأمر الأهم توفير المناخ الإداري المناسب، والكفاءات القادرة على توصيف الأمراض، وإيجاد الحلول الناجعة لها.
ويكفي أن نشير إلى أن تقريراً سابقاً لوزارة الصناعة بيّن أن نسبة 70٪ من المشكلات، والتحديات التي يعاني منها القطاع العام الصناعي، تعود إلى إداراته غير الكفوءة التي لا تمتلك الخبرات اللازمة.
وقد يكون مدخل الشراكة بين القطاعين العام، والخاص، والذي اعتبر أهم سمة للاقتصاد السوري خلال المرحلة القادمة، فيه الحل الأمثل، باعتبار عملية النمو الاقتصادي، والاجتماعي تعتمد على حشد إمكانات الجميع لمواجهة متطلبات مرحلة البناء والإعمار، وإعادة ما دمره الإرهاب والإرهابيون من المنشآت، ومواقع العمل، والإنتاج.
ومع كل هذه الأهمية، سيبقى القطاع العام كما كان، الرافعة الاقتصادية، والاجتماعية لسورية، والركيزة الأساسية لقرارها السياسي، ولابد من تطويره، ودعم مقومات ريادته بكل السبل، والإمكانيات.

محمد الآغا