اقتصاد

نقطة ساخنة إيحاءات نقدية

بالإشارة إلى ما ذكرناه في مقالات سابقة، فإن طباعة أوراق نقدية في ظل الظروف الراهنة سببها استبدال القديم التالف بالجديد وتلبية احتياجات السوق من النقد، ولا يعني ذلك بالمطلق أن الحكومة “تصكّ عملة بالعجز” الذي يؤدّي “اقتصادياً” إلى تضخم في الأسعار، وهذا ما لم يحدث في آخر طرح للعملة من فئة الـ500 ليرة سورية.
إلا أن إيحاءات ما بعد طرح الورقة النقدية السالفة الذكر، تقرّب المستبعد تحليلياً وتبعد المقرّب منها إلى الأذهان، وذلك عندما يعود المصرف المركزي إلى تسليم ما قيمته خمسة ملايين ليرة سورية من الأوراق النقدية لكل مصرف خاص -من حساباتها السابقة المودعة لدى المركزي- من فئتي 100 و200 ليرة، ليضعنا أمام تساؤل مفاده: أين الفئات ذات القيم العالية 500 ليرة و1000 ليرة، وخصوصاً أن الأولى لم يمضِ شهر على طرحها، وهذا يفضي إلى وجهتي نظر، إما أن ما طرح كان غير كافٍ وبالتالي تقديرات الجهات المختصة كانت مخطئة، أو أن طلباً فاق كل التوقعات على الورقة الجديدة، وهذا في حدّ ذاته مؤشر على توجّه ممتلكي القطع الأجنبي ومعدن الذهب لاستبدالهما بالليرة السورية.
إذاً.. لماذا لم يعمل “المركزي” على طرح الورقة النقدية من فئة 1000 ليرة “الموعودة” بالتزامن مع الـ500 ليرة لتلبية الطلب على الليرة، وسدّ الطريق على المحللين الماليين المغرضين، الذين أخذوا يروّجون لتداول الدولار واليورو بالعزف على وتر العامل النفسي، والتخويف من فقدان تدريجي للأوراق النقدية السورية، بعكس الواقع الاقتصادي الحقيقي.
كما أنه بالإمكان طرح الورقة النقدية من فئة 2000 ليرة سورية (ذات القيمة المرتفعة) -التي هي الآن موضع دراسة في أروقة الحكومة- وبذلك نطيل من عمر الأوراق من الفئات ذات القيمة المنخفضة (50 ليرة و100 ليرة و200 ليرة) المتداولة بين أيدي الناس بشكل واسع وكبير..
وإن كان هناك تحسّب من طباعة الـ2000 ليرة، بأنها ستوحي بتراجع قيمة الليرة السورية؟! فهذا أمر حاصل نتيجة مرور ثلاث سنوات ونصف السنة من عمر الأزمة وباتت قضية ملموسة “كقدرة شرائية” لا جدال فيها، والأهم أن نواكب الواقع حتى لا يزداد الأمر تعقيداً، ونصل إلى مرحلة صعبة الحل.
لم نقل إن طباعة الأوراق النقدية إجراء خاطئ بل نبيّن هنا أن آليات الطرح ناقصة وطرقه تجلب إيحاءات غير مستحبّة وتداعيات سلبية رغم أن المراد منه خير للاقتصاد الوطني، دون أدنى شك.
سامر حلاس
Samer_hl@yahoo.com