ثقافة

“عناة” حقل مواهب يانعة

الطريق طويلة وشاقة، حر لافح، وازدحام كبير، والمكان ضيق، ومشكلة الكهرباء زادت من ضيقه، لكن اكتنازه بالثروات يدخل كل المشاق طي النسيان، ويدفعك نحو تأملات جميلة، فالذهاب إلى صحنايا ليس أمراً سهلاً في هذه الأيام، لكن ما يهوّن كل ذلك أمامنا هو حقل المواهب الكبير الذي يفاجئنا دائماً بأبهى ما عنده.

في ملتقى “عناة” لا تستطيع إخفاء دهشتك لعدد الحضور، والفئات العمرية الموجودة، فهو مختلف تماماً عن نظرائه من حيث تنوع الأعمار، وليس التنوع العددي فحسب، بل والنوعي، حملوا آلاتهم، ودربوا أصواتهم، ورفعوا قصائدهم ليجعلوا من المكان فسحة رحبة لأمل كبير بأن الوطن سيكبر بهؤلاء اليافعين، “عندما نبنيهم نبني الوطن”، هذه العبارة التي سمعتها من الأستاذ عدنان أزروني المشرف على ملتقى صحنايا الثقافي “عناة”، في حديثنا عن أهمية رعاية هذه المواهب أثناء آخر حضور لي للملتقى الذي عقد يوم الثلاثاء الماضي في أمسيته الرابعة والثلاثين، مستضيفاً الشاعرتين: أميرة عودة التي قدمت نصوصاً نثرية مميزة، وتستحق المتابعة لما تحمله من عمق، وأسلوب جميل في الطرح، ونصوصاً أخرى باللغة المحكية كانت أكثر قرباً للحاضرين بسبب موسيقاها الجميلة، كما استضاف الملتقى الشاعرة الصحفية رنا سلوم التي قدمت نصوصاً موزونة بأداء جميل، وإلقاء متمكن، استطاعت من خلالهما جذب الحاضرين لمتابعتها، واختتمت مشاركتها أيضاً بنص باللغة المحكية.
وقد كشف اللقاء عن موهبة جديدة في مشاركتها الأولى، أسرت الجميع بصوتها، وحسن أدائها، إنها اليافعة نور فرحات التي قدمت عدة أغان باللغة الانكليزية، ورافقها الشاب المتألق غيفار الدبس عزفاً  على الغيتار، كما شاركت اليافعة عفراء محمد غناء بحضور، وأداء ملفت، وكان لآلة التشيلو حضورها اللافت مع الشاب أنس قضماني، مقدماً معزوفتين أظهرتا مدى قدرته على العزف، والتعامل مع هذه الآلة غير السهلة نسبة لعمره، وقد احتفى الملتقى أيضاً بمعرض لرسومات الأطفال من ورشة عمل بإشراف الأستاذ “عدنان حميدة”، فلاقت صدى جميلاً لدى الحاضرين من خلال المتابعة، والاهتمام.
ولابد من التنويه إلى أهمية ما يقدمه الملتقى من دعم لهذه الأجيال التي تحتاج لمن يأخذ بيدها نحو تطوير الذات، ويمكننا ببساطة أن نقرأ حب الحياة في عيونهم، واندفاعهم نحوها، لأن “على هذه الأرض ما يستحق الحياة”، وهم قادرون على ضخ الفرح، ورسم الأمل للأيام القادمة، ومن خلال حديثي معهم لاحظت اندفاعهم، ورغبتهم في تقديم كل ما لديهم، لكنهم يعانون من قلة الدعم، والإمكانيات المادية، فهل ستلتفت لهم المؤسسات الحكومية لتبني مواهبهم، والسير بهم لبناء غد أجمل؟!.