محليات

بين قوسين مياه “الحرفي” الراكدة؟!

لا يمكن التعامل مع نحو مليون حرفي توثقهم سجلات وبيانات التنظيم النقابي على أنهم مجرد رقم إحصائي نتفاخر به، ورصيد اقتصادي مطعّم بالتراث والتاريخ والثقافة المتراكمة فقط، فالقطاع الذي لا يملأ أعين البعض لاعتبارات وأسباب ندرك أن للإدارة “الاتحادية” مسؤولية كبرى فيها، وصل إلى صورة نمطية سلبية بلغ فيها نهايات غير لائقة بحق هذه الشريحة وما تنتجه من كونها أحد أهم روافد السوق السلعي إذا اعتبرنا أن الحرف مشاريع صغيرة ومتوسطة يعوّل عليها الكثير في صناعة خارطة صناعية وإنتاجية ترفع الجزء الأعظمي من وزر البطالة الثقيل عن كاهل المخطط والمبرمج وصانع القرار الحكومي؟!.
منذ سنوات كان التحدي الذي حاولت القيادات النقابية الاشتغال عليه هو إعادة صياغة هيكلية جديدة تخرج هذا الرصيد من الحرفيين من عنق الزجاجة، في وقت قدّم فيه ثلة من أعضاء المكتب التنفيذي تصورهم لهذه الهيكلة تفضي، حسب ما كان مأمولاً، إلى المشاركة في قرارات الدولة المتعلقة بالحرفيين، والنيّة التي كانت محبوكة تخطي المرحلة الماضية التي اعتمدت على بعض المفاهيم المغلوطة وما نتج عنها من قرارات اقتصادية خاطئة.
اليوم لا يمكن اعتبار ما تحقق إنجازاً، كما يروّج له البعض، فالتحوّل الذي طالما وعدت به الإدارات لم ينفذ ولو بجزء منه، والخطط التي رسمت لم تثمر ثمن الحبر الذي كتبت به ولا سيما في مضامين إيجاد أسواق داخلية وخارجية لتسويق منتجات الحرفيين، وتسهيل إجراءات استيراد المواد الأولية بما يساعد على تخفيض تكلفة الإنتاج وإقامة مراكز تأهيل وتدريب للحرفيين، وكما كان يروّج من تفعيل التنظيم الحرفي حتى تكون مشاركته فعلية في جميع المجالس واللجان لتحقيق المصالح والمشاركة في القرار الاقتصادي بفعالية أكبر.
وتتجسّد “العورات” في ضحالة ما تم تطبيقه على الأرض من هذه التعهدات التي تتجلى أكثر “خطاياها” بما حكي عنه من “دراسة الأماكن الأكثر فقراً وتحديد الموارد المتاحة التي يمكن بناء صناعات وحرف صغيرة ومتوسطة الصغر تساعد على تنمية هذه المناطق وتحسين واقعها الاقتصادي بالتحالف مع وزارة الصناعة”. وهذا المشروع الذي بقي كلاماً بكلام لم يكن بمستوى الجدية التي يأملها الحرفيون وساكنو المناطق التنموية المستهدفه بموجب الدراسة “الصورية” المذكورة؟.
قد تكون خطط اتحاد الحرفيين التي تستهدف “الأكثر فقراً” ليست وحيدة، فللإدارة المحلية حصة كبيرة في أحاديث وسوالف المناطق الصناعية الصغيرة على مستوى البلدات والتجمعات المدنية والريفية، ولكن يبدو العمل باللسان لا يجدي نفعاً في وقت تعجز الإرادات والإدارات والموازنات عن فعل شيء لفقير وعاطل وباحث عن فرصة وأشياء من قبيل الانفراج المعيشي والنماء، يمكن لمليون حرفي أن يحركوا ساكناً في مياهه الراكدة؟!.

علي بلال قاسم