اقتصاد

نقطة ساخنة خطوة بالاتجاه الصحيح

وضع رئيس مجلس الوزراء الدكتور وائل الحلقي إصبعه على الجرح لدى “مطالبته رؤساء مجالس المحافظات الاهتمام بالريف وتنميته وتوطين صناعات تتواءم مع إنتاج كل منطقة، تساهم في تحقيق استقرار اقتصادي واجتماعي، وتأسيس حركة اقتصادية وصناعية وثقافية فيه”.
لاشك بحيوية وإستراتيجية هذا المطلب وانعكاساته الإيجابية على الأمدين المتوسط والبعيد، فأول ما يمكننا استقراؤه من هذا المطلب هو تخفيف الضغط السكاني على مراكز المدن، وبالتالي التخفيف من العشوائيات التي أرهقت مدننا وشوهت طابعها العمراني.
النقطة الثانية هي التركيز على المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر، ولا يختلف اثنان على غنى أريافنا بالمقومات المطلوبة لمثل هذه المشروعات، الكفيلة بتحسين الدخل ورفع مستوى المعيشة عبر الاكتفاء الذاتي بالدرجة الأولى، فضلاً عن اعتبار هذا النوع من المشروعات عاملاً مهماً لشد أواصر اقتصادنا الوطني، وأحد أهم مدخلات صناعة المشروعات المتوسطة والصغيرة.
كما أن الاهتمام بالريف وتقديم كل المستلزمات والدعم اللازم لذلك، سيتمخض عنه حلّ لقضايا قد لا تكون بالحسبان، مثل الاعتماد على تقنية الغاز الحيوي لإنتاج الطاقة البديلة على سبيل المثال لا الحصر، إذ تشير بعض أبحاث ودراسات وزارة الزراعة إلى أن تخمير فضلات بقرتين فقط كفيل بتأمين احتياجات أسرة واحدة من الغاز المنزلي لأغراض التدفئة والطهي شهرياً.
طالما كثُر الحديث عن التنمية الشاملة والمستدامة لأريافنا الشاسعة، وكون العبرة بالنتائج، للأسف، فإن ما تمّ إنجازه على أرض الواقع لم يخرج عن إطار الخطوات الخجولة، إذ إن المواطن الريفي –خاصة الفلاح– لم يجد ما يغريه لترسيخ إمكانياته في مسقط رأسه، ولايزال يطمح للسفر إلى المدينة عسى أن يجد ضالته ويحقق ما لم يحققه في بلدته أو قريته الصغيرة.
إيجابيات كثيرة تتولد عن تطوير أريافنا لا تسمح هذه العجالة بذكرها، يدركها –أغلب الظن- أصحاب القرار، وما ينقصها لتتجسّد على أرض الواقع هو الإرادة والجدية أولاً، والإدارة الحكيمة ثانياً، ونأمل أن يكون لقاء رئيس الوزراء الأخير رؤساء مجالس المحافظات خطوة في هذا الاتجاه، خاصة في هذه المرحلة بالذات والتي بدأت ملامحها الجديدة بالتبلور للبدء بإعادة الإعمار.

حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com