محليات

الائتمان أسوة بإيران؟!

للجسر المالي الذي سارعت إيران إلى مدّه من خزائن بنوكها “المركزية والمصرفية” إلى الجسد الاقتصادي السوري  فعلٌ لم يكن بالقليل، عندما أمّنت هذه الوسيلة فرصة إنقاذ استثنائية لتأمين عمليات الإسعاف العاجلة للقطاعات التي أُصيبت على يد آلة الحرب “الإرهابية” التي طالت “الغذاء والدواء والمعمل والمشغل وبيوت المال وأراضي الغلال”، ليبدأ الشارع بعد أشهر من التفعيل والتطبيق بتلمّس مفاعيل هذا الإجراء الإستراتيجي عبر ضخ أهم السلع وتأمين المواد الأولية للإنتاج، والأهم توفير التمويل اللازم لتحريك وتشغيل المشاريع الاستثمارية التي تكفلت بها إيران في السوق السورية المتعطّشة والمشتعلة، في وقت لم يكن لعامل المخاطرة والمجازفة التي ارتضت هذه الصديقة أن تزج نفسها بها أي تأثير ما، وهذا ما تأكدناه وشعرنا به كمواطنين قبل الدولة ومؤسساتها.
ولأن الاستنفار الإيراني لتقوية أرصدة المقاومة الاقتصادية والتجارية عند الشريك “الأول” أتى أُكله، كما أسلفنا، كانت النوايا ضمن عنوان التوجّه شرقاً العريض توسيع التجربة لتكون الشريكتان الأخريان “روسيا والهند” ثاني المسارعين والمبادرين في هذا الإطار، وعلى الأرض تنشط ديناميكية الخطوات منها ما طبق ومنها ما ينتظر النور في الوقت القريب، كما يؤكد طاقم مسؤولي الحكومة الجديد الذي أعلن عن خطوط ائتمان جديدة وقنوات دعم مأمولة على غرار ما تمّ مع إيران، وهذا كما يشرح مراقبون هو أهم إنجازات التوجّه الشرقي الذي حكي عنه الكثير ومجرد أن ترى تمويلاً من درجة ممتاز وما فوق يعني أن معامل ستدور وآلات ستورد وحقولاً ستُزرع ومنشآت يمكن أن تنفّذ بسرعة بعيداً عن الروتين والبطء والعراقيل الإدارية ولاسيما الرسمية منها.
في ألف باء الخطوط التي نحن بصدد الحديث عنها، ثمة تحرّر من قيود يعرف عنها الكثيرون ممن يتقن مفاصل العمل التجاري والاستثماري بين الدول ولاسيما في ظروف استثنائية تحكمها أصوات الرصاص ودوي الانفجارات، لذا فالإغراء الوحيد الذي يفتح شهية وثقة المستثمر هو الائتمان الذي يلغي عراقيل التمويل ويدفع نحو العمل والإنجار بأمان التاجر وثقة المستثمر بأمواله الجبانة التي تخاف على مرابحها وعوائدها الاقتصادية التي يفترض أنها مضمونة.
ومع دخول روسيا والهند على هذا الخط تكون الآمال معلّقة على الصين التي يدور كلام عن اتصالات ومباحثات نحو ائتمان آخر يدعم ويقوي ويزيد من منعة القطاعات والأسواق، وهنا كان مربط الخيل الذي سعى صانع القرار والمشرع معاً لتحصينه ضماناً لبقاء اقتصاد الحرب واقفاً على رجليه وتخطي الزنقة بأقل خسائر وبأكثر ديمومة.

علي بلال قاسم