اقتصادتتمات الاولى

لا تسقطوه من حساباتكم..!؟

تجديد وتأكيد حاكم مصرف سورية المركزي القول: إن المخزون الاستراتيجي من القطع الأجنبي في الخزينة العامة السورية جيّد وكافٍ وبنسب ممتازة ولا خوف من هذه الناحية، طمأنة نقدّرها ونحترم مصدرها ونثني على إدارة نقدنا التي عوّدتنا على أنها أهل لأصعب المهام وأعقدها..
لكننا كإعلام، حالنا حال المواطن الذي لا يشكك، وإنما هو وبقدر ما يحتاج إليه من طمأنات مشكورة لكنه في آن معاً يريد أن يتلمّس صداها عبر ترجمتها على أرض الواقع، وخاصة أن ما يُعلن عنه حول موضوع سعر الصرف للعملات الأجنبية وتحديداً الدولار أمام ليرتنا، على ما يبدو لم يعُد مرهوناً بالمركزي ومجلس النقد، وإنما هناك لاعبون عدة منهم الظاهر ومنهم المخفيّ، وفوق ذلك التغيرات الداخلية الخارجية السياسية والأمنية.
على مدار أشهر عدّة ماضية شهد صرف الدولار نوعاً من الاستقرار، حتى إنه وصل إلى انخفاض يسجّل لإدارة المركزي، إلاّ أن ما مررنا به سابقاً،  ولاسيما في الفترة التي شهدت متوالية ارتفاع سعر الصرف حيث وصل إلى حائط الـ300 ليرة في السوق السوداء،  يجعل المواطن في حالة من التوتر والترقب والتحسّب لسيناريو مماثل مفتوح على كل الاحتمالات، وهذا المجهول هو التخوّف الأكبر للمواطن السوري من ذوي الدخول المحدودة.
هنا ولعل مطالبتنا بنوع من المصارحة المدروسة، كي يكون مواطننا شريكاً كما أثبتت التجربة في مواجهة المتلاعبين والمضاربين بسعر صرف ليرته، تكتسب أهمية كبرى لأن نتائجها الإيجابية ستكون على أقل تقدير أفضل من نتائجها السلبية، وخاصة في ظل ضبابية المشهد الذي يتيح المناخ الملائم لتحكّم قوى السوق في مصائر مواطنينا ووطننا.
فالمعلن لسعر صرف الليرة أمام الدولار وصل إلى أكثر من 195 ليرة، وقد وصل إلى نحو 200 ليرة، ولا يوجد دولار في السوداء حتى بهذا السعر وأكثر، في حين يُعلن بعد كل جلسة تدخل يعقدها المركزي، أن شركات الصرافة لم تشترِ لانتفاء الحاجة إلى ذلك، لكن لا يكاد الاجتماع ينفض حتى يستمر سعر الصرف بالصعود في السوق السوداء..!؟ فما القصة ولمصلحة مَن ما يجري..؟!.
مقابل هذا غير المنطقي مطلقاً يتحسّر المواطن حائراً متسائلاً: ماذا يفعل؟ وكل ما تبقّى من مدّخر لديه يستبيحه سعر الصرف وبالتالي ارتفاع الأسعار السابق له في كل خطوة، أمام أعين الرقابة والمحاسبة؟!.
لا نطالب بالمستحيل إن قلنا: يجب المحافظة على قوة الليرة السورية في حدودها المقدور عليها نظراً لما يعنيه هذا من أمن معيشي واقتصادي  واجتماعي وغير ذلك، إذ إن هذا الأمر لا يؤثر في مستثمر أو تاجر بل في شريحة كبرى صمدت وأثبتت وطنية منقطعة النظير وتستحق على الأقل تأمين كفاف يومها.
نحن ندرك أن إدارة نقدنا لا تعدم الوسيلة والأدوات، وأن نداءها بتفعيل كل الجهات المعنية لتحمّل المسؤولية له دلالاته في ضبط السوق، وكما يُحتاج إلى هذه الوزارة أو تلك وأذرعها، فهي أيضاً بحاجة إلى توعية ووعي المواطن، فلا تسقطوه من حساباتكم!.
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com