محليات

بين قوسين حرب الشائعة!

يترقب الناس شتاء قاسياً واختناقاً في مادة المازوت،  في ظل تخوّف من تعطّل وسائل النقل وبعض الشلل في الكثير من المرافق ومواقع العمل ضمن سياق شائعات وأقاويل وتحاليل من كل حدب وصوب، وكما لكل سؤال جواب في أي جلسة يخوض المجتمع غمار حديثها بمناجل حاصدة لأي معلومة تنبئ بالخلاص، كان لكل أزمة شواهد وحالات يقودون من خلالها دفة الحديث وانتباه الحاضرين إلى الاقتناع بالنتائج المتمخّضة عن تحليلاتهم للواقع، فبعضهم يسهب وهو يتكئ على قناعة الواثق بصوابية معلوماته وسعة خبرته وسنوات معرفته في تذكر أيام الثمانينيات وأزماتها ووصفها بالأمور البسيطة والسهلة مقابل ما يتكهنون به في القادم من الأيام، وينتهون في حديثهم المنكّه بعبارات “الحلفان” واليمين المقدّس بإطلاق التحذيرات وصياغة السيناريو الممهور بختم الواقع والحقيقة، وبتتالي السيناريوهات التي “يفصفصون” يومياتها بكلماتهم الناقدة وتداعياتها النفسية تحشر الأسباب في خانة تآكل الاقتصاد وموت مؤسسات الدولة سريرياً وينعون القرارات ويسبّون ويلعنون وووووو.
وبصراحة ينجح هؤلاء بقصد أو بغير قصد فيما يبثونه على مدار الساعة من أخبار وسط الشارع في إثارة الذعر والقلق واختراق المحرّمات والضرب في عمق الحقيقة و التنكيل بآمال الناس وتشتيت أمنياتهم ونحر تفاؤلهم بأحاديثهم المفخخة بالهواجس والمخاوف والشائعات المسمومة التي لا ينجو من أذاها أي قطاع، ورغم بساطة أساليبهم وعفويتها في بعض الأحيان إلا أنهم يتفوقون على كل وسائل الإعلام المضللة التي تشن حربها الكاذبة على بلدنا، ولا نشك في أنهم يبرعون في نقل الشائعات والأكاذيب ودك الحقيقة بكل المصطلحات والعبارات الضاربة على وتر الأزمات المتتالية التي يعيشها المواطن.
وبتعدّد الأزمات الناهشة في يوميات الناس تزداد خطورة ما يتم تناقله شعبياً حول الكثير من القضايا الساخنة التي باتت مادة دسمة تجتاح البيوت والجلسات بكل أنواعها تحت مسمّى دردشة سواء عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو من خلال الأحاديث المباشرة والحوارات الناعقة بالانهزامية التي قد يبرمجها بعضهم وفق غايات الأجندة الخارجية لتنحية حالة الصمود وقضم عزيمة الناس وصبرهم والتشكيك بالمستقبل وزرع حالة الفراق والقطيعة بين المواطن والمؤسسات الرسمية بعد إقناعه بتخلّيها عن واجباتها ومسؤولياتها وحسم المعركة لمصلحة الغير.
ورغم أن مواجهة هذه الحرب الناعمة التي تشكل الشائعات أهم أسلحتها تشكل تحدّياً صعباً في ظل مساهمة الكثير منا في تأجيج سلبياتها عبر نقل أخبارها المضللة التي تستهدف كل مناحي الحياة، إلا أنه في الوقت ذاته ليس مستحيلاً وكل ما نحتاج إليه المزيد من الوعي والمسؤولية المشتركة بين المواطن والجهات المختصة.
بشير فرزان